النوع الثالث :
الحكمة اللازمة لضابطها إمّا أن تكون ناشئة عنه ، أو لا تكون.
والثاني إمّا أن يكون للوصف دلالة على الحاجة إليها ، أو لا.
فالأوّل كشرع الرخصة في السفر لدفع المشقّة الناشئة من السفر.
والثاني كالحكم بصحّة البيع لإفضائه إلى الانتفاع بالعوض ، فإنّ الانتفاع لازم لصحة البيع ظاهرا وليس ناشئا عن البيع ، لكن البيع وهو التصرف الصادر من الأهل في المحلّ وهو الإيجاب والقبول دلالة على الحاجة إليه.
والثالث كما في ملك نصاب الزكاة ، فإنّه يناسب إيجاب الزكاة من حيث إنّه نعمة ، والنعمة تناسب الشكر لإفضائه إلى زيادتها على ما قال تعالى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)(١) ، والزكاة صالحة لئن تكون شكرا لما فيها من إظهار النعمة ، وإظهار النعمة يعد في العرف شكرا ، ولا يخفى أنّ مثل هذا المقصود وهو زيادة النعمة ملازم لترتيب إيجاب الزكاة على ملك النصاب وليس زيادة النعمة ناشئة عن ملك نفس النصاب كما كانت المشقّة ناشئة عن السفر ، ولا لملك النصاب دلالة على الحاجة إلى زيادة النعمة كدلالة البيع على الحاجة إلى الانتفاع.
__________________
(١) إبراهيم : ٧.