مانعا خروج المقتضي عن الاقتضاء لم يجز أن يكون خروجه عن الاقتضاء بالفعل لتحقّق المانع بالفعل ، وإلّا دار ، فإذن خرج المقتضي عن الاقتضاء بذاته لا بالمانع ، والإجماع على أنّ ما يكون كذلك لا يصلح للعلّيّة.
وفيه نظر ، فإنّ المانع أن يقول بل شرط انتفاء السابق حدوث الطارئ ، ولأنّه مانع من تعاقب الأضداد إذ الإيراد متّجه على كلّ ضد حدث على محلّ ضده ، فإنّ طرده مشروط بعدم الأوّل ، فلو علّل عدم الأوّل بطرده دار ، بل يعدم لذاته فلا يكون ممكنا.
واعترض أيضا بأنّه إن عنى بالشرط معنى يقتضي تقدّمه على المشروط فليس شرط أحد المتباينين انتفاء الآخر ، وإلّا كان كلّ واحد من النقيضين مشروطا بنفسه ضرورة أنّ انتفاء كلّ واحد منهما عين ثبوت الآخر ، وإن عنى بالشرط ما يتقدّم المشروط عند عدمه لم يلزم الدور.
واعترض (١) أيضا بمنع المنافاة بين اقتضاء المقتضي واقتضاء المانع ، لاستحالة الجمع بينهما ، وإن استحال الجمع بين حكمهما. وحينئذ فلا يلزم من تحقّق المانع خروج المقتضي من جهة اقتضائه لا بذاته ، ولا بغيره بخلاف المتنافيات بالذات.
الرابع : الوصف وجد في الأصل مع وجود الحكم ، وفي التخصيص مع عدمه ، ووجوده مع الحكم لا يقتضي قطع العلّيّة ، ووجوده في صورة التخصيص مع عدم الحكم يقتضي قطع عدم العلّيّة هناك. ثمّ الحاصل في
__________________
(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٥٠.