أقول : وبذلك أسقطوا دلالة لفظ البكارة من الحديث مع إمكان ، أن تكون جزءا من التعليل ، كما هو مقتضى جمعها مع الصغر لو أمكن استفادة التعليل من أمثال هذه التعابير. (١)
وفسّروا الثالث بما ألغى الشارع اعتباره مع أنّه مظنّة تحقيق المصلحة ، أي بناء الحكم عليه من شأنه أن يحقّق مصلحة ، ولكن دلّ دليل شرعي على إلغاء اعتبار هذا المناسب ومنع بناء الحكم الشرعي عليه.
ومثّلوا له بفتوى من أفتى أحد الملوك بأنّ كفّارته في إفطار شهر رمضان هو خصوص صيام شهرين متتابعين ، لأنّه وجد أنّ المناسب مع تشريع الكفّارات ردع أصحابها عن التهاون في الإفطار العمدي ، ومثل هذا الملك لا تهمّه بقية خصال الكفّارة لتوفّر عناصرها لديه ، فإلزامه بالصيام أكثر مناسبة لتحقيق مظنّة الحكمة من التشريع. (٢)
يلاحظ عليه : بأنّ التعيين يخالف حكم الشارع الذي جعل وجوب الخصال الثلاث من باب التخيير لمطلق المكلّفين ، ملوكا كانوا أو رعية ؛ فمثل هذا يعدّ نوعا من التقدّم بين يدي الله سبحانه قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ).(٣)
__________________
(١) الأصول العامة للفقه المقارن : ٢٩٨.
(٢) مصادر التشريع الإسلامي لخلاف : ٤٦.
(٣) الحجرات : ١.