وشرط قوم (١) أن يكون وجودها في الفرع مقطوعا به ، ومنعه الباقون ، لأنّ وجودها من جملة المقدّمات الّتي يتوقّف عليها الحكم في الفرع ، فيكفي فيه الظن كما في وجودها في الأصل وفي كونها علّة ، وفي نفي المعارض عنها في الأصل والفرع.
الثاني : اتّفقت الأشاعرة (٢) على أنّ نصب الوصف سببا وعلّة من الشارع ، وأنّ دليله لا بد وأن يكون شرعيا. وسواء كان كونه سببا وعلّة وحكما شرعيا ، أو لا.
وإنّما اختلفوا في الدليل الدالّ على العلّة الجامعة في القياس.
فقال بعضهم : يشترط فيه أن لا يتناول إثبات الحكم في الفرع ، كقول الشافعي في مسألة الفواكه : مطعوم ، فجرى فيه الربا قياسا على البر ، ثمّ يستدلّ على علّيّة الطعم بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تبيعوا الطعام بالطعام إلّا مثل بمثل» (٣) فإنّه وإن دلّ على كون الطعم علّة من حيث الإيماء ، إلّا أنّه يدلّ على تحريم الربا في الفواكه بعموم لفظه.
وقد يتناول دليل العلّيّة حكم الفرع بخصوصه دون حكم الأصل ؛ كقول الحنفي في مسألة الخارج من غير السبيلين : خارج نجس ، فينقض الوضوء كالخارج من السبيلين. ثمّ يستدلّ على علّيّة الخارج النجس
__________________
(١) راجع الإحكام : ٣ / ٢٦٨.
(٢) راجع الإحكام : ٣ / ٢٦٨ ـ ٢٧٠ ، المسألة التاسعة عشرة.
(٣) صحيح مسلم : ٥ / ٤٧ ، باب بيع الطعام مثلا بمثل ؛ مسند أحمد : ٦ / ٤٠٠.