وأمّا الحادث فليس أحد طرفيه راجحا على الآخر ، إذ لو كان راجحا لاستحال افتقاره إلى المرجّح ، وإلّا لكان ذلك المرجّح مرجّحا لما هو في نفسه مترجّح ، فيكون تحصيلا للحاصل.
فإذن الباقي أولى بالوجود ، والحادث ليس أولى بالوجود ، ولا معنى لظن وجوده إلّا أنّ اعتقاد وجوده أولى ، فالباقي راجح الوجود بالنسبة إلى الحادث.
ولأنّ الباقي لا يعدم إلّا عند وجود المانع ، والمفتقر إلى المؤثر كما يعدم عند وجود المانع فقد يعدم عند عدم المقتضي. وما لا يعدم إلّا بطريق واحد أولى بالوجود ممّا يعدم بطريقين ، ولا معنى للظن إلّا اعتقاد أنّه أولى بالوجود.
وأمّا وجوب العمل بالظن فلقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «نحن نحكم بالظاهر». (١)
ولأنّه لو لم يجب لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وهو بديهي البطلان. ولأنّ العمل بالقياس وخبر الواحد والفتوى وباقي الظنون المعتبرة شرعا إنّما وجب ترجيحا للأقوى على الأضعف. وهو قائم هنا فيثبت الحكم ، وهو وجوب العمل به.
اعترض بمنع ظن بقاء المعلوم ثبوته في الحال إلى ثانيه.
قوله : الباقي مستغن.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣ / ٢١٥ ؛ تفسير الآلوسي : ١٥ / ٧٣ ؛ سبل الهدى والرشاد : ١٠ / ٣١٥ ؛ المحصول : ٢ / ٥٥٠.