خصوصية غير موجودة في النكاح أو يكون الجهل بالعوض مفسدا في البيع دون النكاح ، لأنّ البيع مبادلة بين المالين بخلاف النكاح فإنّه علاقة تجمع بين شخصين ، فالعلّة هو الجهل بالعوض لا الجهل بالمهر ، والمهر ليس عوضا.
وبسبب المخاطر الناجمة عن سلوك هذا الطريق ، إذ كيف يتأتّى للعقل الفردي الإحاطة بأسرار التشريع ومناطاته حتّى يقف عن طريق السبر والتقسيم على ما هو المناط ، نرى أنّ الإمام الشافعي يتشدّد في هذا الأمر قائلا : ليس للحاكم أن يقبل ، ولا للوالي أن يدع أحدا ، ولا ينبغي للمفتي أن يفتي أحدا إلّا متى ما يجتمع له أن يكون عالما علم الكتاب ... وعالما بلسان العرب ، عاقلا يميز بين المشتبه ، ويعقل القياس ، فإن عدم بعضا من هذه الخصال لم يحل له أن يكون قياسا.
ثمّ إنّ أبا زهرة بعد أن نقل كلام الشافعي هذا ، يقول : وفي الحقّ أن تعرّف العلل واستخراجها من النصوص والأحكام هو عمل الفقيه الحاذق الّذي عالج النصوص وتحرى فهمها فهما عميقا ، وتعرّف مقاصد الشريعة في عمومها وفي خصوصها. (١)
والّذي يغرّ القائلين بالقياس في إمكان استخراج المناط هو الاستشهاد بأمثلة يكون المناط فيها واضحا ، كما فعل الغزالي حيث قال وهو يتحدث عن تنقيح المناط : مثاله : أن يضيف الشارع الحكم إلى سبب ينوطه به وتقترن به أوصاف لا مدخل لها في الإضافة فيجب حذفها عن
__________________
(١) أصول الفقه : ٢٣٠.