المعجز ، ومعناه ليس إلّا فعل خارق للعادة ، ولا يحصل فعل خارق للعادة إلّا عند تقرر العادة ، ولا معنى للعادة إلّا أنّ العلم بوقوعه على وجه مخصوص في الحال يقتضي اعتقاد انّه لو وقع لما وقع الّا على ذلك الوجه ، وهو عين الاستصحاب.
وفيه نظر ، فإنّ المعجز ليس هو فعل خارق للعادة مطلقا ، بل ما يعجز البشر عن فعله ، وليس ذلك من الاستصحاب.
وأمّا في الشرع : فلأنا إذا عرفنا أنّ الشرع تعبّدنا بحكم ما كاجماع أو غيره ، لم يمكننا العمل به إلّا إذا علمنا أو ظننا عدم طريان الناسخ. فإن علمنا ذلك بلفظ آخر افتقرنا فيه إلى اعتقاد عدم الناسخ ، فإن كان ذلك بلفظ آخر تسلسل ، فلا بدّ من الانتهاء إلى التمسّك بالاستصحاب ، وهو : أنّ علمنا بثبوته في الحال يقتضي ظنّ وجوده في الزمن الثاني. وأيضا فالفقهاء بأسرهم على كثرة اختلافهم اتّفقوا على أنّا متى تيقّنا حصول شيء وشككنا في حدوث المزيل ، أخذنا بالمتيقّن. وهو عين الاستصحاب ، لأنّهم رجّحوا بقاء الباقي على حدوث الحادث.
وفيه نظر ، لأنّ الشرع إذا تعبّدنا بحكم فإمّا أن يدلّ على الاستمرار والوحدة ، أو يكون مطلقا. فإن كان الثاني والثالث لم يحكم بالاستمرار ولا ظنّه ، وإن كان الأوّل لم يكن ظن الاستمرار من حيث الاستصحاب ، بل باعتبار نصّ الشارع عليه ، وانّه (١) لا يزول إلّا بالناسخ.
وأمّا العرف : فلأنّ من خرج من داره ، وترك أولاده فيها على حالة
__________________
(١) في «أ» و «د» : لأنه.