وأمّا المناسب الإقناعي فهو الذي يظن به في الظاهر كونه مناسبا ، لكن يظهر مناسبته عند البحث ، كتعليل الشافعية تحريم بيع الخمر والميتة والعذرة بالنجاسة ، وقياس الكلب عليه.
ووجه المناسبة : أنّ كونه نجسا يناسب إذلاله ، ومقابلته بالمال في البيع إعزاز له ، والجمع بينهما باطل. وهذا وإن كان مظنون المناسبة في الظاهر لكنّه ليس في الحقيقة كذلك، لأنّ معنى نجاسته عدم جواز الصلاة معه ، ولا مناسبة بين المنع من استصحابه في الصلاة وبين المنع من بيعه.
فائدة : قد عرفت أنّ المقصود من الحكم إمّا جلب مصلحة ، أو دفع مفسدة ، أو مجموعهما. وهذا إنّما هو بالنسبة إلى العبد لا إلى الرب لتعاليه عن جلب النفع ودفع الضرر.
والنفع قد يكون مقصودا للعبد ، لأنّه ملائم له وموافق لنفسه ، ولهذا إذا خيّر بين وجود ذلك وعدمه اختار وجوده.
وتحصيل المصلحة ودفع المفسدة المتعلّقة بالدنيا إمّا أن يكون شرع الحكم فيها مقتضيا لتحصيل أصل المقصود ابتداء ، أو دواما ، أو تكميلا.
فالأوّل كالقضاء بصحّة التصرف الصادر من الأهل في المحل تحصيلا للأصل المقصود المتعلّق به من الملك أو المنفعة ، كما في البيع والإجارة ونحوهما.