ومنها : أنّ ما قاله النائيني رحمهالله في أحد تنبيهاته في الواجب التخييري : بأنّه تارة يكون الشكّ في حدوث الوجوب فلا إشكال في البراءة ، وتارة يكون الشكّ في بقاء الوجوب فيكون مورد الاشتغال ، مثل أنّه لو علم بوجوب الصوم ثمّ شكّ في أنّه لو كان السفر بدله لما كان وجوبه باقيا ، وعلى ما قلنا من انحلالية الأمر ليس الأمر مطلقا في الشك في بقاء الأمر مورد الاشتغال ، بل لو كان في الآن الثاني أمر على إتيانه كان واجبا وكان مورد الاشتغال ، وإلّا فلا.
ثمّ إنّ كل ما قلناه في توجيه كلام الوحيد البهبهاني رحمهالله وما فيه من الفساد يكون على تقدير كون الاشتغال لأجل الأمر ، وأنّ الأمر يكون واحدا ، وقلنا بانحلال الأمر بأوامر متعدّدة.
وقد يقال بالاشتغال لا لأجل الأمر ، بل لأجل دفع الضرر المحتمل ، وهو أن يقال : على تقدير الفوت حيث كان عالما لأنّ الفرض فيما يكون الفوت على تقدير العلم بالتكليف ويشكّ في الزمان الثاني بأنّه هل فات عنه ، أم لا؟ فعلى هذا لو كان عالما بالتكليف ولم يأت ثبت في حقّه العقاب ، ولا دافع لهذا التقدير ، لأنّه لو كان عالما بالتكليف وفات فلا مجال للبراءة ؛ لأنّه بمجرّد أن فوته على تقدير يكون مع العلم فيكون مورد دفع الضرر المحتمل.
غاية الأمر في سائر الموارد نقول بدفع الضرر المحتمل ، وهنا يرفع الضرر المحتمل بإتيان الصلاة في خارج الوقت ، كما ترى أنّه بمجرّد قاعدة دفع الضرر المحتمل لا بدّ الإتيان بالكفّارة ، سواء كان احتمال وجوبها لأجل الشبهة الحكمية كما لو كان شاكّا في أنّه على تقدير الإفطار في شهر رمضان ترتفع الكفارة أو لا ، أو كان من جهة الشبهة الموضوعية ، مثل ما يعلم بأنّ الإفطار موجب الكفّارة ، ولكن كان شكّه في أنّه هل أفطر حتى تجب عليه الكفارة ، أو لا؟ فإن كان يعلم بأنه على تقدير الإفطار كان عالما بالتكليف فلا إشكال بمقتضى القاعدة بلزوم الإتيان بالكفّارة ، لانه لا دافع لهذا الاحتمال ، أعني لزوم رفع ضرر المحتمل ، فالعقل يحكم بالإتيان بالكفّارة حتى يصير