والمعلوم ليس إلّا إناء زيد ، لا أنّ تعلق العلم بهذا أو بذاك ، فالشكّ في كلّ من الأطراف وإن كان موجبا لجريان البراءة إلّا أنّ أثر العلم تنجيز معلومه ، واذا تنجز المعلوم يحكم العقل بترك الأطراف من باب المقدمة ، فافهم.
وبتقريب آخر كما قلنا : كأنّ في العلم الإجمالي علما مشوبا بالجهل ، فيكون علم وجهل ، وأجود تقريب ما قاله الشيخ رحمهالله من أنّ العلم بالتكليف مع الشكّ في متعلقه ، فعلى هذا نقول بأنّ العلم أثره تنجيز متعلقه ، فبكلّ ما تعلّق به العلم من أثر فتنجيزه بمجرّد قيام العلم تنطبق عليه كبرى الواقع ، ففي ما علم إجمالا بإناء زيد المردّد بين الإناءين لا إشكال في معلومية إناء زيد وأنّه خمر ، وتكون كبرى محفوظة ، وهي : أنّ كلّ خمر يجب الاجتناب عنه ، فاذا ضمّت هذه الصغرى الى الكبرى فتقول : هذا خمر ، وكلّ خمر يجب الاجتناب عنه ، فهذا يجب الاجتناب عنه ، وهذا واضح.
فالعلم بعد تعلّقه بكلّ حيث كان لازمه تنجيز متعلقه ، إذ به يثبت الصغرى فيضمّ الى هذه الصغرى كبرى الواقع. هذا بالنسبة الى العلم.
وأمّا بالنسبة الى شكّه فأيضا لا إشكال في أنّ الأطراف تجري فيها أصالة الحلّية بعنوان كونها مشكوكة ، غاية الأمر بعد العلم بالتكليف وثبوته وتنجيز الواقع حيث يحكم العقل بإطاعته ، وحيث إنّ بيده كيفية الإطاعة فيحكم العقل بأنّه لا بدّ من إطاعة الواقع ، وحيث إنّ الواقع خارجا يكون مردّدا بين الأطراف فيحكم العقل من باب المقدمة العلمية بترك الأطراف ، وهذا ليس من باب كون الأطراف بعنوان كونها مشكوكة واجبة الاجتناب ، بل بهذا العنوان قلنا بعدم لزوم الاجتناب عنها ، ولكن المعلوم والواقع حيث يجب إطاعته فيحكم العقل بترك الأطراف بعنوان كونها مقدمة لترك إناء زيد ، ففي الأطراف اجتمع عنوانان : فمن حيث كونها مشكوكة ومعنونة بهذا العنوان تجري فيها أصالة الحلّ ، ومن حيث كونها معنونة