بعنوان المقدمية لا بدّ من اجتنابها بحكم العقل ، فعلى هذا ترك الأطراف يكون أثر تنجّز العلم بالنسبة الى المعلوم ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ، لأنّه يحكم العقل باجتناب الأطراف بحكم دفع الضرر المحتمل.
وفي الشكّ في التكليف وإن كان الأمر بالعكس ، يعني كان مورد جريان قبح العقاب بلا بيان إلّا أنّه قلنا بأنّ كلّ مورد يكون الضرر فيه محتملا يحكم العقل بلزوم دفعه ، وفي الشكّ في التكليف مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان نقطع بعدم الضرر ، وأمّا فيما نحن فيه فليس الأمر كذلك ، بل يكون المورد قاعدة دفع الضرر المحتمل ؛ لأنّ المفروض هو ثبوت الواقع والعلم بإناء زيد والاجتناب عنه ، فبعد العلم لا يكون العقاب عليه من غير بيان لقيام العلم به ، وبعد البيان يحكم العقل بالإطاعة لئلّا تقع في العقاب ، وكيفية الإطاعة هي الاجتناب عن جميع الأطراف ، فلزوم الاجتناب عن الأطراف يكون أثر العلم والواقع المعلوم ، ولذا قلنا بأنّ الأطراف بعنوان كونها مشكوكة ليست واجبة الاجتناب ، وليس ترك ارتكاب الأطراف من باب كونها مشتبهة حتى يقال : إنّه بهذا العنوان تجري فيها أصالة الحلّية ؛ لأنّه قلنا بأنّ الأطراف بعنوان آخر وهو عنوان المقدمية تكون لازمة الاجتناب.
ولذا لو كان للمشكوك أثر آخر لا يترتب ، كما لو نذر بأنّه إن كان في الإناء الأبيض خمرا أعطى الفقير درهما ، فلو كان أحد الأطراف إناء أبيض فلا يجب عليه بذل الدرهم ، لأنّه لعلّ الخمر يكون في الإناء الآخر ، والعلم مقدار تنجّزه ليس إلّا لزوم الاجتناب عن الأطراف ، وأمّا هذا الأثر فليس أثر تنجيز العلم ، فهذا شاهد على أنّ الأطراف ليس لزوم اجتنابها من باب عنوان كونها مشكوكة ، بل بعنوان آخر وهو المقدمية.
فظهر لك أنّ في العلم الإجمالي وإن كان علم وشكّ لكنّ أثر العلم هو ما قلنا ،