على طهارة أحد الإناءين وكان كلّ منها مستصحب النجاسة فهل يجري الأصل فيهما ، أو لا؟
قال الشيخ رحمهالله في بعض المواضع منها في الاستصحاب : إنّ جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي لو لم يلزم المخالفة العملية فلا مانع من جريانه ، وتبعه بعض آخر ، ومنشأ هذا التوهّم هو هذه العبارة التي قالها الشيخ رحمهالله.
ولكن لا يخفى عليك أنّه كما تلونا عليك في مطاوي كلماتنا بعد قيام العلم حيث يكون هو كشفا تاما ولا سترة فيه فلا مجال لجريان الأصل ، فنفس العلم مانع عن جريان الأصل ، لأنّه بعد قيام العلم بكون إناء زيد طاهرا فقد انتقض اليقين باليقين فلا مجال لجريان الاستصحاب في الأطراف ، فعلى هذا ولو لم يلزم المخالفة العملية ولكن مع هذا لا مجال لجريان الأصل ، وبعد معلومية الواقع فلا مجال لجريان الحكم الظاهري في الشبهات البدوية بعد قيام العلم ولا يكون مجال للبراءة ، فكيف تكون الشبهة المقرونة بعلم إجماليّ أمرها أسهل؟ فلو لم يكن العلم مانعا من جريان الأصل فنقول بجريان البراءة أيضا ، وعليه فنفس العلم مانع من جريان الاصول ولو لم يلزم المخالفة العملية ، والسر فيه : هو ما قلنا من أنّ بعد العلم وانكشاف الواقع كيف يكون مجالا للأصل؟ فتدبّر.
وقلنا بأنّ منشأ ذلك التوهّم ليس إلّا عبارة الشيخ رحمهالله ، ولا يخفى أنّ نظر الشيخ رحمهالله يكون الى المخالفة العملية في مقابل المخالفة الالتزامية ، وأنّه لو كان جريان الأصل موجبا للمخالفة الالتزامية لا العملية فلا مانع من جريانه ، وهو غير مرتبط بما نحن في مقامه ، وهو فيما يوجب المخالفة العملية ، لأنّ في المثال المتقدم أنّ أثر العلم هو الطهارة ويترتّب عليه عملا بعض الآثار ، منها جواز الوضوء منه ، فلو قلنا بجريان الأصل في الأطراف فلازمه عدم جواز الوضوء ، فذلك مستلزم لمخالفة عملية المعلوم ، فعلى هذا الحق هو ما قلنا من كون نفس العلم مانعا من جريان الاصول ولو