الأمارات والطرق مقامه ، فهو مع التزامه بأنّ في هذا المثال تقوم الأمارات مقام العلم مع كون حيث إضافته الى العالم ملحوظا كيف تفوّه بهذه المقالة؟
فالحقّ هو : أنّ حيث كاشفية العلم في مقابل حيث صفتيته ، فلو لوحظ صفة ـ يعني بما هو صفة ـ في مقابل سائر الصفات النفسانية كالظنّ والشكّ يكون هذا اللحاظ في قبال حيث كاشفيته ولحاظه كاشفا بكلا صورتيه ، يعني صورة إضافته الى العالم وصورة إضافته الى المعلوم يكون في قبال أخذه صفة ، وما يترتب الأثر في هذا يعني لو اخذ صفة لم تقم مقامه الطرق والأمارات ، ولو اخذ كاشفا تقوم مقامه الطرق والأمارات لو لوحظ بالإضافة الى المعلوم أو الى العالم لأنّ بينهما التلازم ، فظهر لك عدم تمامية كلامه رحمهالله.
ثمّ إنّه بعد ما ظهر لك أنّ العلم ينقسم الى أقسام خمسة ، وظهر لك الفرق بين الطريقي وبين الموضوعي ، وظهر لك الفرق بين الصفتي الموضوعي وبين الصفتي الطريقي يقع الكلام في مقام آخر ، وهو : أنّ الأمارات والطرق هل تقوم مقام العلم بدليل حجّيتها ، أو لا؟
فنقول : اعلم أنّ الكلام أولا يكون في الطرق والأمارات وبعض الأصول المحرزة للواقع كالاستصحاب ، فهو وان كان من الأصول إلّا أنّه مع ذلك يكون ناظرا الى الواقع ، ولذا قلنا بكونه برزخا بين الاصول والأمارات ، ولذا يقدم على سائر الاصول في مقام التعارض ، وأمّا سائر الاصول ممّا ليس فيه جهة الإحراز وغير ناظر الى الواقع فليس محلّ كلام ، لعدم قيامه مقام العلم.
إذا عرفت ذلك نقول : بأنّ الكلام يقع تارة في قيام هذه الطرق والأمارات وبعض الاصول المحرزة مقام العلم الطريقي ، وتارة يقع الكلام في قيامها مقام العلم الموضوعي :
أمّا الكلام في المقام الأول فنقول : بعد ما قلنا من أنّ العلم يكون كاشفا تاما وليس في إنارته نقص ، ولذلك مرأى للواقع ونور في نفسه منور لغيره ، وحيث