الحكم على بقاء الأمر الثابت ، فيكون الإشكال في بقاء الحكم بعد الفراغ عن أصل ثبوته ، فعلى هذا لا يمكن جمعهما في لحاظ واحد وإنشاء واحد ، فلا وجه لقول صاحب الفصول رحمهالله أيضا ، فيبقى الكلام في أنّه بعد كون الرواية متكفّلة لبيان الحكم الظاهري فهل يكون هو الاستصحاب أو قاعدة الطهارة؟
فنقول بعونه تعالى : إنّه كما قلنا في قاعدة الطهارة يكون الحكم على ثبوت أصل الطهارة ، وأمّا في الاستصحاب فيكون الحكم على إبقاء ما ثبت ، فيكون الحكم على بقاء ما ثبت أصله ، فأصل ثبوته لا إشكال فيه ، فيدور الأمر بين أن يكون «كلّ شيء طاهر أو حلال» ظاهرا في الحكم على أصل ثبوت الطهارة أو الحلّية ، أو يكون ظاهرا في حكم ببقاء الطهارة الثابتة أو الحلية الثابتة.
واذا بلغ الكلام الى هذا المقام فلا إشكال في أنّ الرواية ظاهرة في الحكم بثبوت أصل الطهارة والحلّية ، فعلى هذا تكون الرواية منطبقة مع القاعدة ، لا الاستصحاب ، غاية الأمر يكون الكلام بعد إثبات كون الروايات ظاهرة في القاعدة أنّه هل هي ظاهرة في خصوص الشبهات الموضوعية ، أو دالّة عليها وعلى الشبهات الحكمية أيضا؟ أمّا «كلّ شيء طاهر» فلا إشكال في تعميمه للشبهة الموضوعية والحكمية كليهما ، وأمّا «كلّ شيء حلال» فإن كان بهذه العبارة فهو أيضا دالّ على كليهما ، لكن حيث تكون عبارته أنّ «كلّ شيء فيه حلال وحرام ... الى آخره» فلأجل لفظ «فيه» يدلّ على الشبهة الموضوعية فقط.
ثم اعلم : أنّ ما قلنا من الدليل على فساد كلام المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّه لا يمكن الجعل والإنشاء في عرض واحد ، ولذا لا يمكن استفادة الحكم الواقعي والظاهري معا من الروايات هو غير ما قاله النائيني رحمهالله على ما في تقريراته ، فإنّه يكون إشكاله من حيث الإرادة ، وأنّه لا يمكن إرادة كلّ منهما ، معا وإنّ موضوع كلّ من الحكم الواقعي والظاهري حيث يكون غير الآخر فلا بدّ أن يكون حكمهما أيضا