فيجري الاستصحاب في نفسها ، مثلا سابقا كانت الملكية مجعولة ، ففي الزمان الثاني يشكّ في أنّ الملكية مجعولة وجعلها باق أم لا؟ فيستصحب الملكية نفسها لتعلّق الجعل بها. وأمّا لو كانت الأحكام الوضعية انتزاعية فمع الشكّ في منشأ الانتزاع لا ينتزعها العقل ، ولا مجال لاستصحابها ، ولكن يمكن استصحاب منشأ انتزاعها ، فاذا استصحب ذلك فبعد الاستصحاب ينتزع العقل أيضا ، ففي الأول يمكن استصحاب نفس الحكم الوضعي ، وفي الثاني لا مجال لاستصحابه ، بل يستصحب منشأ انتزاعه ، فينتزع العقل الحكم الوضعي بعد الاستصحاب.
ومن الثمرات هو : أنّه لو قلنا بكون الأحكام الوضعية مجعولات ففي الدوران بين الأقلّ والأكثر لو شكّ في جزئية شيء يحتاج الى جريان البراءة ، بل ولو قلنا بالاشتغال في الأقلّ والأكثر مع ذلك على القول بكون الأحكام الوضعية مجعولات يمكن القول بجريان الاستصحاب وعدم وجوب هذا الجزء المشكوك ؛ لأنّه سابقا لم يتعلّق به الجعل ، وفي هذا الزمان نشكّ في أنّه تعلّق به الجعل أم لا؟ فبحكم الاستصحاب نحكم بعدم تعلّق الجعل به.
وأمّا لو قلنا بكون الأحكام الوضعية انتزاعية فلا يجري الاستصحاب ؛ لعدم تعلق الجعل بالجزء المشكوك ، فلا يمكن رفعه إلّا بالبراءة.
ومن الثمرات : أنّه لو كان الواجب تحصيل ما يحصل من شيء آخر مثل الوضوء الحاصل من الغسلتين أو المسحتين ، أو الغسل أو الطهارة الحاصل من الغسل وشكّ في أنّ الشيء الفلاني له دخل في وجوده أو لا؟ فلو قلنا بكون الأحكام الوضعية مجعولات فنفس الطهارة ـ مثلا ـ مجعول ، فبعد الغسل يكون مجال لاستصحاب عدم الطهارة.
ولكن لو كان الحكم الوضعي منتزعا ففي الطهارة لا يجري الاستصحاب ، بل لا بدّ من جريان البراءة أو الاشتغال في محصّلة وهو الحكم التكليفي الذي انتزع منه