يكون من أول الأمر داعيه اليه وبين ما لا يكون كذلك ، مثلا لو كان داعيه من أول الأمر هو التكلّم ساعة ففي ضمن الساعة لو شك في بقاء التكلم يجري الاستصحاب.
وأمّا لو كان داعيه من الأول هو التكلّم ساعة ثمّ في الأثناء يحصل له داع آخر في التكلّم ساعة اخرى فشك في البقاء بعد ذلك فهو قاطع بارتفاع الداعي الأول ، ولكن يكون شكّه في إحداث داع آخر فلا يجري الاستصحاب.
وأمّا وجه فساد كلامه فهو : أنّه بعد كون الوحدة محفوظة فلا فرق في جريان الاستصحاب بين الصورتين.
ووجه توهّم الفرق هو : أنّه توهّم بأن مورد الأثر والوحدة يكون هو الداعي ، فاذا ارتفع الداعي فلا وجه للاستصحاب.
ولكنّ هذا فاسد ، وليس كذلك ، بل مورد الأثر إمّا أن يكون وحدة حقيقية ، وإما أن يكون وحدة اعتبارية ، وكلّ منهما ليستا بالداعي ، وهذا من الواضحات ، فإنّك ترى أنّ رجلا لو كان داعيه هو النطق ساعة ثم بعد الشروع لأجل سؤالات المستمعين يحدث له الداعي الى أزيد من ذلك فمع ذلك تكون الوحدة باقية ، فيعدّ عرفا بأنّ كلامه ونطقه كلام ونطق واحد ، فافهم.
أمّا الكلام في المورد الثالث ـ أعني في الامور القارة المقيدة بالزمان ـ فكما قال الشيخ رحمهالله : لو شكّ في بقاء القيد والمقيد معا بعد القطع بحدوثهما ، كما لو علم بصوم النهار فشك في بقاء الصوم المقيد بالنهار فيجري الاستصحاب ويحكم ببقاء القيد والمقيد ، وأمّا لو شك في بقاء المقيد فقط مع القطع بارتفاع القيد ، كما لو علم بوجوب صوم النهار الفلاني ثم قطع بارتفاع هذا النهار لكن شكّ في بقاء وجوب نفس الصوم فلا مجال للاستصحاب ؛ لأنّ المتيقّن هو المقيد مع القيد ، فبعد زوال القيد زال المقيد ، ولا وجه للتفصيل الذي ذكره النائيني رحمهالله من الفرق بين كون الزمان قيدا أو ظرفا ؛ لأنّ محلّ الكلام يكون فيما كان الزمان مأخوذا بنحو القيدية ، فالاستصحاب في