المؤدّى وملزوماته ، فلا تكون لوازمه وملزوماته حجّة ، بخلاف الاصول فإنّ لسان أدلّتها ليس إلّا التعبّد في مقام العلم ، فتدبّر.
فظهر لك أنّ في الطرق والأمارات حيث يكون معنى تصديق قوله هو جعل المخبر منزلة الإمام الصادق وكأنّه سمع منه ، فكما أنّ الصادق صلوات الله وسلامه عليه لو قال بما أخبر المخبر يثبت كلّ ما يكون لازم كلامه كذلك في قول المخبر ، ولا يحتاج الى كونه مخبرا عنه ، بل يكفي صرف الدلالة على اللازم أو على الملزوم ، فهذا وجه حجية مثبتات الطرق والأمارات ، فقد عرفت أنّ دليل تنزيل الأمارة كاف لإثبات لازمها وملزومها ؛ لأنّ معنى تتميم الكشف هو جعل الكشف الناقص منزلة الكشف التام ، فكما أن الكشف التام وإحراز الواقع موجب لإحراز لوازمه وملزوماته كذلك في الكشف الناقص ، وهذا هو السرّ في الفرق بين الاصول والأمارات حيث إنّه بعد كون شمول الدليل في الأمارة للّوازم طوليا وثبوت تتميم الكشف فيصير اللازم حجّة أيضا ، وأمّا في الاصول فحيث إنّ لسان الدليل فيها ليس إلّا التعبد في مقام العمل فالتعبّد العملي باللازم والملزوم يكون عرضيا فكلّ منهما يشمله دليل الأصل نأخذ به ، وإلّا فلا ، ومن الواضح أنّ التعبّد ليس إلّا لخصوص المؤدّى ، لا بلازمه وملزومه.
وما يمكن أن يقال في وجه حجية مثبتات الاصول هو : أنّه إما أن يقال بأنّ دليل الأصل يشمل أثر المؤدّى ، سواء كان بلا واسطة أو كان مع الواسطة ، مثل الأثر الشرعي المترتب على اللازم العقلي. أو أن يقال بأنّ الدليل يثبت كلّ أثر ولازم ، وسواء كان الأثر واللازم شرعيا أو عقليا.
وفيه : أنّ دليل الأصل بعد ما لم يكن لسانه إلّا التعبّد في مقام العمل فيكون ظاهره هو إثبات ما هو أثر له أوّلا وبالذات ، فلا يمكن أن يقال بشموله للأثر الشرعي المترتب على الأثر العقلي ، وحيث إنّ الشارع يبيّن ما هو وظيفته وتنزيله