المقام الأول : فيما تكون النسبة بين دليلي المتعارضين التباين. ومقدّمة لفهم المقصد نتعرّض لمقدّمتين :
المقدمة الاولى : هي أنّ الأمارة بعد إثبات حجيتها يكون العمل على طبقها من باب احتمال كونها موافقة للواقع ، أو الظنّ بكونها موافقة للواقع ، لا من باب كونها مقطوع المصادفة بالواقع حتّى بعد الحجية أيضا ليس إلّا احتمال المصادفة أو الظنّ ، لا العلم ، وهذا واضح ، وحتى على القول بالتصويب أيضا بعد قيام الأمارة على شيء ولو على أحد جانبيه يكون مؤدّى الأمارة حقيقة هو الواقع ، ولكن مع ذلك يحتمل في هذا الحال أيضا أن يكون هذا الخبر الذي قال به زرارة هو غير موافق للواقع ، ولو على التصويب يعتقد بكونه هو الواقع ، لأنّ كونه على هذا واقعا غير مناف مع احتمال عدم كون هذا الخبر على وفق الواقع.
وعلى كلّ حال على مختارنا وبطلان التصويب فواضح بأنّ الأمارة بعد حجيتها لا يكون العمل على وفقها إلّا من باب الاحتمال أو الظنّ بكون مؤدّاها هو الواقع ، وكذلك الحال في أصالة الظهور وأصالة عدم التّقية ، فمع أصالة الظهور أيضا يظنّ أو يحتمل كون هذا الظاهر مرادا أو كون هذا صدر على غير تقية ، فافهم.
المقدمة الثانية : أنّ حجية كلّ أمارة غير موقوفة على حجية الاخرى. وبعبارة اخرى : أنّ صدق العادل منحلّ بصدق العادل الكثير بعدد الأخبار ، فشموله لكلّ منها غير متوقف على شموله للآخر ، وهذا أيضا واضح.
اذا عرفت المقدمتين فنقول : إنّ كلّ خبر مع قطع النظر عن التعارض حجة ويشمله صدق العادل اذا احتمل كون مؤدّاه هو الواقع ، وأما اذا علم بكذبه فلا يشمله صدق العادل.
ففي فرض العلم بكذب خبر ليس فيه مقتضى الحجية برأسه مع قطع النظر عن التعارض فلو لم يكن له معارض أصلا لا يكون مع ذلك حجة ، وكما أنّه لو