بعنوان الواقع لا بعنوان نفس تعلق القطع ، فعلى هذا لا يمكن أصلا كون الفعل حراما من باب تعلق القطع به.
واستشكل عليه النائيني رحمهالله : بأنّه على هذا لا يمكن فرض القطع الموضوعي ، لأنّه لو تمّ كلامه يلزم أن لا يكون تحت اختياره ، فلا يمكن كون القطع موضوعا للحرمة أو الوجوب.
وفيه : أنّ نظره رحمهالله ليس الى عدم إمكان فرض القطع الموضوعي مطلقا ، بل نظره الى أنّ في التجري حيث يكون القطع طريقيا فالمتجري يكون تجرّيه باعتقاد مخالفة الواقع ، لا مخالفة نفس القطع ، فالفعل المتجرّى به لو كان حراما بعنوان تعلق القطع به ليس تحت اختياره فلا معنى لحرمته عليه بهذا العنوان ، وإلّا فأخذ العلم موضوعا بمكان من الإمكان ، ولا يرد هذا الإشكال ، لأنّه لو اخذ موضوعا يكون النظر الى نفس القطع والانقياد أو التجري يكون بنفس هذا العنوان ، فكلام المحقّق الخراساني رحمهالله ليس في هذا الحيث مورد الإشكال.
ولكن يرد عليه : أنّه لو أغمضنا عمّا قلنا في جواب كون الفعل المتجرّى به حراما بالعنوان الثانوي وهو تعلق القطع به أنّه لا يلزم من العنوان في إتيان الفعل أو تركه التوجّه الى نفس المصداق ، وأمّا التوجّه الى عنوانه الكلي في صيرورة الفعل اختياريا فلا يلزم ذلك ـ مثلا ـ في الضرب وكونه اختياريا حتّى يصير حراما لا يلزم كون الشخص متوجّها الى أنّ هذا ضرب محرّم ، ولا يلزم توجّهه الى أنّ هذا الضرب المحرّم بأيّ عنوان كان حراما ويكون ملتفتا الى ذلك ، فعلى هذا فيما نحن فيه مع القطع يعلم بكون هذا حراما ولو لم يلتفت أنّ حرمته كانت لأجل تعلق القطع به ؛ لأنّ هذا المقدار يكفي في كون الفعل تحت اختياره. نعم ، لو لم يلتفت حتى الى كونه معلوما أيضا ومورد تعلق القطع صحّ كلامه ولكن هو ملتفت بذلك.
الوجه الثاني من الوجوه التي قيل بها لإثبات كون الفعل المتجرى به حراما فهو يتمّ مع فرض تمامية كون التجري موجبا للعقاب وكونه قبيحا فيقال : إنّه بعد