المعلوم ، فلو قال : اجتنب عن الخمر يكون معناه اجتنب عن الخمر المعلوم.
وفيه : أنّ ذلك فاسد ، وثبت أنّ الألفاظ موضوعة لمعانيها الواقعية ، والشاهد على ذلك : أنّك ترى أن الخمر المعلوم ليس تكرارا وزائدا ، فلو كان الخمر هو الخمر المعلوم فاللفظ المعلوم ذكره يكون زائدا ، وكذلك قولك : الخمر المجهول ليس استعماله في معنى مضادّ لمعنى الخمر.
الثاني : أنّه حيث يكون التكليف بالجاهل تكليف بما لا يطاق فلا بد أن يكون مورد التكليف صورة العلم.
وفيه : أنّ التكليف لا بدّ في مقام الامتثال أن يكون مقدورا لا في حال الخطاب ، فيصحّ تكليف الجاهل ولو كان جاهلا. نعم ، يمكن أن يقال بعدم إمكان تكليف الغافل بما هو غافل ، غاية الأمر امتثاله موقوف على العلم ، وهذا معنى أنّ التكليف ينجّز بالعلم ، أو يصير فعليا ، والشاهد على ذلك : هو إمكان الاحتياط في المجهول ، فلو كان التكليف في غير حال العلم محالا وتكليفا بغير مقدور فلا معنى لذلك ؛ لأنّ على ما فرضه لا تكليف قبل العلم حتى يحتاط المكلف ، مع أنّه علاوة على إمكان الاحتياط فالعقل حاكم بحسنه ولو في غير مورد العلم الاجمالي ، ولذا فهو حسن في الشبهات البدوية.
الثالث : أنّه ولو كان التكليف في حدّ ذاته غير موقوف على العلم ، بل أدلة الأحكام ناظرة الى الواقع ولكن بمقتضى بعض الأخبار الدالّة على كون العلم غاية لرفع الحلّية ، وبمقتضى الجمع بين الدليلين يحكم بكون التّكليف في مورد العلم ، مثل قوله : «كلّ شيء حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه» وغير ذلك.
وفيه أوّلا : أنّ ظاهر العلم هو كونه طريقيا ، فظاهر أدلة الاصول الّتي جعل غايتها العلم هو العلم الطريقي ، وبعد كون العلم طريقيا فلا بدّ من كون الحلّية قبل العلم حلية ظاهرية لا واقعية لمنافاة ذلك مع كون العلم طريقيّا ؛ لأنّ معنى كون العلم طريقا هو كونه طريقا الى الواقع ، فالحكم في الواقع محفوظ فبالعلم يصير منجزا ،