بأنّ القطع ليس قابلا للجعل إثباتا ولا نفيا ، بداهة أنّه بمجرّد القطع تنطبق الكبريات على الصغريات.
وأمّا الظنّ فحيث إنّه لا يكون انكشافا تاما ، بل يكون فيه جهة الاستتارة ومعه يكون احتمال الخلاف ، ولهذا لا بدّ في حجّيته من الجعل ، وإلّا لا يكون حجّة ، فعلى هذا بمجرد الشكّ في الحجية وعدمها يكون مقتضى الأصل عدم الحجية ، لأنّ مع الشك في الحجية لا يمكن تطبيق الكبريات على الصغريات ، وهذا واضح ، وكذلك يكون الأمر على ما مشى عليه المحقّق الخراساني رحمهالله ، حيث إنّه قال بأنّ معنى حجية القطع ليس إلّا التنجّز في صورة الإصابة ، والعذر في صورة الخطأ ، وكذلك الظنّ بعد جعله حجة لا يكون إلّا منجّزا في صورة إصابته مع الواقع ، وعذرا في صورة مخالفته مع الواقع ، فبمجرد الشك في حجية الظنّ لا يكون حجة ، وعلى هذا يصرف الشكّ في الحجّية ويكون مقتضى الأصل عدم الحجية ، ولا يحتاج الى استصحاب عدم الحجية على ما هو الحق ، كما قال شيخنا الأنصاري رحمهالله وهو من لطائف كلماته ، بداهة أنّه في كلّ مورد يكون الشكّ في شيء ذي أثر لا يحتاج الى الاستصحاب ، حيث إنّه لا يثبت بالاستصحاب إلّا ما يثبت به ، فبمجرّد الشكّ يحكم بالعدم واقعا ويكون جريان الاستصحاب لغوا.
فعلى هذا فيما نحن فيه بعد ما كان صرف الشكّ في عدم الحجية هو عدم الحجية فلا حاجة الى جريان الاستصحاب والحكم بعدم حجّيته ، حيث إنّه بمجرد الشك لا يكون حجة واقعا ، وكذلك يكون الأمر في دوران الأمر بين قاعدة الاشتغال والاستصحاب ، مثلا : اذا صلّى وشكّ في أنّه هل يكون صحيحا ، أم لا؟ فبمجرّد الشك يكون مقتضى قاعدة الاشتغال هو لزوم الإعادة فلا حاجة الى جريان الاستصحاب والقول ببقاء التكليف.
بل يمكن أن يقال : ولو لم يقل الشيخ رحمهالله بأنّه لا يمكن في المقام جريان