فتحريمه واضح ، لأنّه يكون تشريعا محرّما ، وأمّا فيما لم يكن العمل على وجه التعبد بل يكون على وجه الاستناد فيكون حراما لأجل الواقع ، فلو عمل بالظنّ وخالف الواقع يكون حراما ، ولكن ذكر الشيخ رحمهالله في الرسائل : أنّ الدليل على ذلك من الكتاب قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) وإنّا لا نعلم كيف يمكن الاستدلال في الشكّ في التعبّد بالظنّ على هذه الآية؟ حيث إنّ هذه الآية تكون في مقام بيان الفتوى ، وإنّه كيف يمكن الفتوى بغير العلم؟ وإنّ ما تفتون به هل أذن الله لكم به أم على الله تفترون ، ولا يكون مربوطا بالعمل مع قطع النظر عن الفتوى؟ ولو سلّم أنّه شمل غير صورة الفتوى أيضا لكن تكون صورة الفتوى على خلاف العلم ، بمعنى أنّه مع العلم على خلاف الواقع تكون الفتوى أو العمل هو الافتراء لا يكون أيضا مفيدا لما نحن فيه ؛ حيث إنّا لا نعلم بأنّ التعبد بالظنّ يكون افتراء على الله فلا يخفى ما في كلام الشيخ.
وما قاله أيضا من التمسّك بالرواية من أنّه ورد أنّه يكون في عداد أهل النار (ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم) ، فالقضاء مع كونه بالحق لأجل عدم العلم يكون في عداد أهل النار فكيف يمكن التعبد بالظنّ فيه؟ ما لا يخفى حيث إنّ هذا أيضا يكون في مقام الفتوى ، ولعله يكون صرف القضاء ولو بالحق منشأ لدخول النار ، فافهم.
وما أورده المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّ العمل بالظنّ يكون أعمّ من التعبّد والاستناد فلا وجه لاختصاص النزاع بصورة التعبّد به ليس بسديد ؛ لأنّ الشيخ حيث عنون البحث في التعبد وأنّ ابن قبّة رحمهالله أشكل على التعبد بالخبر وأجاب عنه ، ثم بعد ذلك لأجل هذا قال : ويقع الكلام في وقوع التعبد به ، ولأجل ذلك اختصّ النزاع بمورد التعبد ، فافهم.
ثمّ إنّ ما قلنا بأنّه كلما يكون الأثر على الشكّ لم يكن موردا الاستصحاب ،