نصب القرينة ولم نعلم بها أن يدفعوا الاحتمالات بالأصل ويعملون بما هو ظاهر كلامه ، فالأول بناء المتكلّمين ، والثاني بناء المخاطبين ، فعلى هذا يكون أصالة الظهور مع تلك الاحتمالات محتاجة الى أصالة عدم القرينة ، كما تكون محتاجة الى أن الأصل كون المتكلم في مقام البيان ، وكما تكون محتاجة الى أنّ الأصل عدم الغفلة ، وإلّا مع الشكّ في هذه الامور لا تكفي أصالة الظهور ، بل تكون محتاجة الى جريان سائر الاصول ، فيلزم أوّلا إجراء أصالة عدم القرينة ، ثم أصالة الظهور ، حيث إنّ الشك في الظهور يكون مسببا عنها ، فأصالة عدم القرينة في ما شكّ في القرينة محتاجة اليها ، غاية الأمر يمكن التعبير بحسب الموارد بغيرها ، فتارة يعبّر عنها بأصالة الإطلاق ، أو أصالة عدم التقيّد ، أو غيرهما.
فما قاله الشيخ رحمهالله من أنّه لا بدّ أولا في الشك في القرينة من إجراء أصالة عدم القرينة ، ثمّ أصالة الظهور فهو ممّا لا إشكال فيه ويكون كلاما متينا ، حيث إنّ أصالة الظهور لا تكون محتاجة الى أصالة عدم القرينة اذا قطع المخاطب بعدم نصب القرينة ، وأمّا اذا شكّ في ذلك فلا بدّ أوّلا من إجراء أصالة عدم القرينة ، ثم أصالة الظهور.
فما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّ ما قاله الشيخ رحمهالله من إرجاع الاصول الوجودية الى العدمية وأنّه لا بدّ من أصالة عدم القرينة ثم أصالة الظهور لا وجه له ؛ لأنّه قلنا : بأنّ الاصول العدمية ترجع الى بناء المخاطب ، والأصل الوجودي ـ يعني أصالة الظهور ـ يرجع الى بناء المتكلم ، ففي مورد الشكّ لا بدّ للمخاطب من إجراء أصالة عدم القرينة حتى يصير موضوعا لجريان أصالة الظهور ، فمع الاصول العدمية التي منها أصالة عدم القرينة يقطع بكون الظاهر مرادا للمتكلم فيحصل بالاصول العدمية الظنّ النوعي ، ولكن في موضوع جريان الاصول العدمية يحصل القطع بكون الظاهر مرادا ، ولا يجري مع الشك في القرينة أصالة الظهور ، حيث إنّ أصالة الظهور محلّها عدم نصب القرينة ، فمع الشكّ في نصب القرينة لا بدّ من إجراء أصالة