واما الأصول المحرزة وهي التنزيلية فالمجعول فيها وان لم تكن الوسطية في الإثبات لعدم الكاشفية فيها إلّا ان المجعول فيها هو البناء العملي على أحد طرفي الشك على انه هو الواقع وإلقاء الطرف الآخر وجعله كالعدم وبالجملة الهوهوية التي قد بنى عليها الشيخ الأنصاري قده في باب الأمارات وهي التي تكون مجعولة في باب الأصول التنزيلية.
قال وبالجملة ليس في الأصول التنزيلية حكم مخالف لما في الواقع بل المجعول فيها هو ان البناء العملي على أن المؤدى هو الواقع فلا يكون وراء الواقع حكم يناقضه أو يماثله.
واما الأصول الغير المحرزة كأصالة الحل والاحتياط والبراءة فيشكل الأمر فيها إذا المجعول فيها ليست الهوهويّة ولا البناء العملي على بقاء الواقع بل الأمر فيها مجرد البناء على أحد طرفي الشك من دون إلقاء الطرف الآخر بل يحكم على أحد طرفيه بالوضع أو الرفع على حفظ الشك فالحرمة المجعولة في أصالة الاحتياط والحلية في أصالة الحل تناقض الحلية والحرمة الواقعية على تقدير تخلف الأصل عن الواقع ضرورة أن المنع عن الاقتحام في الشيء كما هو مفاد أصالة الاحتياط أو الرخصة كما هو مفاد أصالة الحل ينافي الجواز في الأول والمنع في الثاني.
قال قده وقد تصدى بعض الاعلام (العلامة الفشاركي) لرفع غائلة التضاد باختلاف الرتبة وأن رتبة الحكم الظاهري تكون هي الشك في الحكم الواقعي وهو متأخر وجودا عن الحكم الواقعي فان الموضوع للواقع وحكمه والشك فيه ثلاث مراتب قبل حكم الشك ومن المقرر في محله عدم التضاد بين الحكمين في الرتبتين وان وحدة الرتبة من الوحدات الثمانية التي تكون شرط التناقض.
فأجاب عنه ان الحكم الظاهري وان لم يكن في رتبة الواقع إلّا ان الواقع منحفظ في طرف الشك فيه ولو بنتيجة الإطلاق فيجتمع الحكمان المتضادان في رتبة الشك فتأخر الحكم الظاهري عن الواقعي لا يرفع غائلة التضاد بينهما إلّا بضم مقدمة أخرى وهي ان مناطات الأحكام الشرعية ومراتب الملاكات النّفس الأمرية مختلفة فرب