العقل بالحرمة فهو يكون من باب التشريع لأنه من إدخال ما ليس من الدين في الدين.
والجواب عنه ان استدلاله في باب حكم العقل بالتشريع لا يكون على ما هو التحقيق صحيحا لأن التشريع عندنا يكون هو جعل ما ليس من الدين باعتقاد انه من الدين مثل من يرى نفسه نبيا فيجعل حكما أو من يرى قصورا في النبوة أو يرى تغيير مصلحة الحكم بواسطة تغيير الأزمان مثل ما قيل في أن الذبح في المنى يوم العيد لا يكون له مصلحة في زماننا هذا واما من يعتقد بأن ما ينسبه إلى الدين ليس من الدين ولكن لمصالح نفسه من طلب الدنيا وغيره يكذب ويفتري فليس مشرعا ولا يصدق التشريع بالنسبة إليه بل هو كاذب مفتري (١) ففرق بين الكذب والتشريع فعدم جواز الاستناد يكون من باب استقلال العقل بعدم جواز استناد ما لا يعلم انه حكم الله إليه تعالى لا من باب التشريع.
الجهة الثالثة في انه هل يجري الأصل في المقام أم لا بأن يقال الأصل عدم حجية ما شك في حجيته كما يستصحب حجية ما كانت حجة فشك فيها.
فقال الشيخ الأنصاري قده لا يجري لأنه مثبت لأن جريان الأصل يحتاج إلى جرى عملي وهنا يكون عدم التنجيز من الآثار العقلية لا الشرعية فلا بعث حتى يستصحب.
وقال الخراسانيّ (قده) في الحاشية ردا لكلام أستاذه ان الاستصحاب اما ان يكون في موضوع ذي أثر شرعي واما ان يكون المستصحب نفسه الحكم واستصحاب الحكم لا يحتاج إلى أثر لأن نفسه يكون الأثر وهنا عدم الحجية نفسه حكم شرعي فكما ان استصحاب الحكم يثبته كذلك استصحاب عدمه يكون اثره الحكم بالعدم فكما ان الحجة الواقعية لها أثر كذلك عدم الحجة الواقعية والمستصحب الّذي
__________________
(١) أقول التشريع هو جعل الحكم في الدين من غير دليل سواء رأى المشرع نفسه نبيا أم لا وسواء كان معتقدا بأن الحكم هكذا لجهله المركب أم لا ومن يعلم انه يكذب لا نتحاشى انه كاذب ولكن الكاذب بهذا الكذب الخاصّ يسمى مشرعا بحسب ما يصدر عنه من الحكم الّذي هو شأن المشرع كما مر في غير المقام أيضا.