فلا يكون شاملا لغير الروائيّة حتى نحتاج إلى ان نقول ان المورد مخصص أو غير مخصص هذا على المشهور واما على ما قلنا من معنى الشهرة فلا بد ان يختص بالخبر فانه لا يمكن ان يكون الشهرة في الفتوى متحققة في كل طرفي مسألة مع أن الراوي قال كلاهما مشهوران فلا بد ان يكون الكلام في الخبرين فقط فانه يمكن ان يكونا مشهورين بنقل الرّواة في الأصول فلا تشمل الرواية الشهرة الفتوائية.
واستدل أيضا بمقبولة عمر بن حنظلة (١) قوله ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه.
والكلام فيها أيضا كالكلام في الرواية السابقة فان المجمع عليه هنا بمعنى الشهرة وعلى ما قلناه من انها هو الإجماع الحدسي فلا يأتي فيه التعارض ولا بد ان يكون المشهور هو المشهور الروائي واما على مسلك القوم فالمشهور أيضا هو الروائي.
واستدل أيضا لحجية الشهرة في نفسها بآية النبأ من حيث التعليل في ذيلها بقوله تعالى (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) فعدم اتباع نبإ الفاسق يكون لنكتة انه موجب للإصابة بالجهالة وكل مورد لم تكن الإصابة كذلك لا إشكال في الاتباع والشهرة حيث لا يكون متابعتها موجبة للوقوع في الجهالة يجب اتباعها.
والجواب عنه هو انه إذا قيل لا تشرب الخمر لسكره معناه هو ان حرمة الخمر تكون للإسكار ولا يشمل ما لا يكون بمسكر وهنا الخبر الّذي لا يوجب الوقوع في الجهالة يجب اتباعه لا أن كل شيء كذلك حتى يتعدى منه إلى الشهرة.
واستدل أيضا بأنه يكون من الظنون الّذي يمكن ان يقال انه أقوى من الظن الحاصل من خبر العادل فكما انه حجة بدليل حجية خبر الواحد كذلك هو الّذي هو أقوى وهو الحق بتقريب ما ذكرناه من أنهم إذا كانوا خبراء الفن وقالوا بشيء من
__________________
(١) في باب ٩ من أبواب صفات القاضي ج ١٨ من الوسائل ح ١