حيث انه لا تناله يد الجعل إثباتا ونفيا إذا كان طريقيا أو جزء الموضوع وغيره فإذا كان لشيء دخلا ما في الفقه يكفى لكون البحث عنه أصوليا ولو كان الإشكال فيه عدم صيرورته وسطا في الإثبات بأن يقال هذا مقطوع الحرمة وكل مقطوع الحرمة فهو حرام فهذا حرام في صورة كونه طريقيا فيجيء في الظن أيضا فانه لا يقال هذا مظنون الحرمة وكل مظنون الحرمة حرام فهذا حرام حيث كان الحكم على الواقع فانه ما وقع الظن وسطا في الإثبات في القطع الطريقي فأمر البحث في كونه بحثا أصوليا سهل لإمكان الاستنتاج منه في الفقه بأدنى مناسبة.
إذا عرفت تلك المقدمات فلنشرع في المقصود بعون الله تعالى.
المقصد الاول في القطع
أو أربعة فكلما تحقق القطع بحكم تكليفي ينشأ هذه الجهات : الأولى في ان القطع يكشف عن الواقع أو لا : وهذه الكاشفية اما أن تكون نفسه أو من لوازمه وعلى تقدير كونه نورا يكشف به الواقع فان أصاب فهو وإلّا فيقال له الكشف الزعمي فان من قطع بأن في الدار أسدا فان كان الأسد واقعا في الدار فهو وإلّا يكون هذا القطع بزعمه قطعا ولا واقع له والكاشفية تكون من آثاره الذاتيّة التكوينية ولوازمه أيضا تكوينية.
وثانيا بعد القطع وانكشاف الواقع بالوجدان يوجد شيء وهو حكم العقل بأن من علم بأن الصلاة مثلا تكون واجبة بأن الإطاعة حسنة والمخالفة قبيحة.
وثالثا ان المؤاخذة من قبل المولى حسن على من ترك المأمور به ولم ينته عن المنهي عنه لعدم حصول غرضه فبعد درك العقل ذلك أو حكمه بقبح المخالفة وحسن الموافقة والمؤاخذة فمن الآمر يوجد شيء آخر وهو ان من رتب المقدمات العقلية بعد القطع ينقدح الداعي في نفسه وجرى على نحو مطلوب المولى لأن كل عاقل إذا علم ان التكليف موجود ويعلم الثواب والعقاب يعمل ما هو المأمور به مثل من كان عطشان ويعلم الهلاكة بترك شرب الماء الموجود فانه يشرب الماء قهرا