فحكم العقل يمكن ردع الشارع عنه كما رأيت ولا فرق بين القطع والظن في ذلك بنظر المستشكل والناقض.
وبعبارة أخرى القطع مشترك مع الظن في انه المنجز ان أصاب الواقع والمعذر ان لم يصبه والظن في باب الانسداد على الحكومة حيث يكون مما يستفاد من حكم العقل حجيته لا يمكن الردع عنه فكيف لا يكون الظن الحاصل من القياس حجة وردع الشارع عنه.
والجواب ان حكم العقل بوجود متابعة القطع تنجيزي ولا يمكن ان يردع عنه الشارع ما دام القطع موجودا إلّا ان يصيّر القاطع مشكوكا وكلام المقنن يمكن ان يكون سببا لأخذ أصل القطع من القاطع وإلّا فلا يمكن التشكيك في منجزية قطعه ، هذا في القطع :
اما الظن فلا يكون انكشافه عن الواقع واستقلال العقل بالحسن والقبح بموافقته ومخالفته تنجيزيا بل يكون معلقا ومنوطا بان لا يكون من الشارع حكم على خلافه والظن لا يغنى من الحق شيئا واما علة جعله حجة فلان باب العلم منسد ولا طريق إلى العلمي أيضا فإذا ردع الشارع عن القياس علمنا بان هذا الظن غير منجز والعمل على طبقه باطل فنحكم بجواز شرب ماء الشعير قبل النش مثلا.
والحاصل ان القطع لا تناله يد الجعل إثباتا ونفيا تشريعا وتكوينا نعم يمكن النفي تكوينا بجعل القاطع غير قاطع ولا فرق فيما ذكرنا بين قولنا بان للعقل حكما وقول من يقول ليس شأن العقل الا الدرك لأن الواقع إذا كان مستورا ويكون الظن طريقا ناقصا إليه يمكن ان يجعل الحكم على خلافه مثل ان يقال مظنون الحرمة بالظن القياسي حلال وهذا بخلاف القطع فانه لا يمكن ان يقال ان مقطوع الحرمة حلال وإلّا يلزم الترخيص في المعصية.
واما المرحلة الثالثة : وهي انقداح الداعي بعد حكم العقل بالحسن والقبح فلا يكون مقام التفوه للإشكال عليه لأنه يقتضى نقض الغرض وهذا فطري لكل أحد حتى الحيوانات لأن من علم ان هذا سم وان السم قاتل ويحب حياته لا يمكن