الانزجار والمؤاخذة على الارتكاب والترخيص يقتضى انقلاب حكم العقل في آن واحد فان ما حكم به العقل اما ان يكون حسنا أو قبيحا وليس بينهما شيء.
والحاصل لا يمكن ان يكون للعقل في آن واحد حكمان منجزان.
واما ما ذهب إليه بعض الاعلام من ان الموضوع للحكمين متعدد لأن موضوع اجتنب يكون هو الخمر وموضوع الترخيص يكون هو مقطوع الخمرية.
فيكون القطع فيه جزء الموضوع فلا يستلزم اجتماع النقيضين فإذا صار القطع جزء الموضوع فلا إشكال والاعلام بعباراتهم المختلفة يريدون معنى واحد نعم ان كان حكم العقل غير منجز مثل الظن القياسي أو يكون من الأول معلقا فيجوز الترخيص من الشارع مثل من قال لولده أعط إجارة المنزل إذا بلغ رأس الشهر إن لم أرسل إليك كتابا اذكر فيه المنع عنه والترخيص في تركه فكان الأمر في ذلك من الأول معلقا على عدم الترخيص وحكم العقل يكون هو الاجتناب ان لم يكن الترخيص من المولى.
واما بيان التسلسل فهو انه إذا قطعنا بان الخمر حرام قطعا شخصيا فينتج وجوب العمل فان لم يكن الوجوب ثابتا وقطع بان هذا القطع مردوع عنه فننقل الكلام في القطع بالردع فنحتمل ان يكون هو أيضا مردوعا عنه فننقل الكلام إلى ما يئول إليه هذا القطع أيضا فيتسلسل وهو كما ترى فإذا قطعنا بان الخمر مثلا حرام ثم قطعنا بالردع عن هذا القطع فالقطع بالردع أيضا يكون فردا من القطع فيحتمل ان لا يكون حجة.
ثم انه ينقض الأثر الثاني من القطع بالظن القياسي وهو الحكم لا محالة بعد القطع بحسن الموافقة وقبح المخالفة. بيان ذلك انه إذا تم دليل الانسداد على الحكومة التي تكون من الأحكام العقلية بخلاف كونه كاشفا فانه يكون من الأدلة الظاهرية الشرعية على الحكم من عدم العلم وعسر الاحتياط وغيرهما وكان هنا ظن حاصل من القياس مثل قياس ماء الشعير قبل النش بالنبيذ فنتيجة الانسداد هنا هي اتباع هذا الظن القياسي وهذا يكون حكما مستقلا من العقل والشرع منع عن اتباع هذا الظن