اما المقام الأول فقد اختلف الكلام فيه فقيل بعدم التقديم أي تقديم القاعدة عليه لا بالحكومة كما هو الحق عندنا ولا بالتخصيص ولا بالجمع العرفي خلافا لما اختاره الخراسانيّ قده من ان التقديم بالجمع العرفي.
ثم للشروع في المقصود يجب التوجه إلى مقدمة وهي ان رفع الضرر والحرج يكون لهما معان كثيرة والمهم هنا بيان معنيين : الأول هو الاختلاف المعروف بين الشيخ الأنصاري والخراسانيّ فان الأول يقول بأن المراد منهما هو رفع الحكم الضرري والثاني يقول ان الموضوع الضرري يرفع حكمه والحق هو ما عن الشيخ لأن قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله عليهالسلام لا ضرر ولا ضرار في الإسلام يكون ظاهرا في أن الحكم كذلك غير مجعول في الدين أصلا.
والثاني انه قد اختلف في ان القاعدة بعد كونها للامتنان هل يلزم ان يكون الامتنان في رفعه أو يعم الرفع والوضع بحيث لو كان وضع الحكم خلاف الامتنان تكون القاعدة منطبقة والحق هو أن رفع الحكم يجب ان يكون فيه الامتنان صادقا.
إذا عرفت هذا فنقول تارة يكون الحكم بطبعه ضرريا وحرجيا وتارة يكون في طور من أطواره الحرج والضرر فالأوّل مثل الجهاد والزكاة والخمس وكذلك الاحتياط التام فان طبع الحكم يستلزم الحرج والضرر بإعطاء الأنفس والأموال والثاني مثل نفقة الزوجة فانها بعض أطوارها غير حرجي وبعضه حرجي فان تهية بعض الأغذية بالنسبة إلى بعض الافراد حرجية فقالوا ان المرفوع بالقاعدة هو الّذي يكون بعض أطواره موجبا للحرج لا ما يكون بطبعه موجبا له.
فلا يمكن ان يقال يكون الجهاد مرفوعا للحرج والخمس مرفوعا للضرر وهكذا الاحتياط التام فانه بطبعه حرجي فلا يمكن ان يتوجه إليه القاعدة إلّا ان يلزم منه الإخلال بالنظام فهو غير مرفوع بهذا الدليل.
وقد أجاب شيخنا العراقي قده بأن القاعدة في ابتداء طلوعها لا يكون لها نظر إلى الاحتياط فان الذي تكون القاعدة متوجهة إليه هو الحكم فان الحكم الضرري والحرجي مرفوع وغير مجعول فما هو منشأ لزوم ذلك وهو الحكم مرفوع فيكون