لا تنقض اليقين بالشك بل انقضه بيقين آخر أو كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام. ان اليقين والعلم في غاية الدليلين بقوله بل انقضه أو حتى تعلم إلخ يكون الأعم من الحاصل بالتعبد أو بالوجدان فإذا قامت الأمارة على شيء يكون العلم التعبدي حاصلا فيكون مقدما بالورود لا بالحكومة لأن موضوع الأصل كان مغيا بعدم حصول هذا النحو من العلم أيضا فإذا حصل لا يبقى له موضوع.
وأجاب عنه المدقق العراقي (قده) بأن هذا خلاف الظاهر فانه كما ان الشك يكون بلحاظ الواقع كذلك العلم ظاهر في العلم الوجداني فلو قلنا بأن الشك يتعلق في صدر الدليل بالواقع والعلم في ذيله بالأعم منه يلزم تهافت الصدر والذيل فلا يتم هذا الوجه حذرا من هذا المحذور.
التوجيه الثاني هو ان كل مورد من موارد الأمارات يكون مورد أصل من الأصول اما البراءة أو الاستصحاب فلو لم نقل بتقديمها عليه يلزم لغوية جعلها لعدم بقاء مورد يمكن أن نتمسك بها فإذا كان مقدما على أصل واحد يلزم منه تقديمها على جميع الأصول ولو لم يلزم بعد تقديمها على بعض الأصول محذور اللغوية لعدم ترجيح الأصول بعضها على بعض بالإجماع.
والجواب عنه أولا انا لا نحتاج إلى هذا الطريق في تقديم الأمارة على الأصل بل الحكومة بتقريب تتميم الكشف أو بتقريب تنزيل المؤدى على ما مر مفصلا. وثانيا لا يكون لنا إجماع تعبدي بان الأصول كلها يكون الملاك فيها واحدا ولو فرض يكون سنده هذه الاحتمالات الأصولية ولا يكون من الإجماع الّذي يكون حجة شرعية. وثالثا قد مر أن الأمارة موردها الشك والأصل موضوعه الشك وهي تذهب بموضوع الأصل لأنه بعد قيام الأمارة لا يبقى للأصل مجال وتقديمه عليها يكون اللازم منه هو الدور المحال الذي مر آنفا
__________________
ـ يمكن أن يقال بأن هذا صار سببا لانقلاب كون المفهوم من اليقين هو الوجداني فقط فادعاء كونه أعم لا يكون فيه خلاف الظاهر العرفي ولا يكون بعيدا عنه كثير بعد ولا يبعد الورود بهذا التقريب وان كان تقريب الحكومة أيضا كما مر متين.