لا يرضى المولى ان يترك بحال من الأحوال فيجعل الاحتياط فيما يمكن فيه ذلك مثل باب الفروج والدماء فإذا لم يكن الاحتياط ممكنا أو يكون عسريا فيجعل طريقا إلى الواقع بنحو يكون في الغالب موصلا إليه مثل جعل تصديق العادل.
وفي الصورتين فكل ما يكون المولى بصدد انحفاظه فهو الواقع ولا يريد غيره فان بلغ بهذا الطريق إليه فهو وإلّا يكون لغوا ولا يكون في مورده حكم ظاهري جعلي وبهذا الطريق يجوز إلقاء احتمال الخلاف ويقول للمكلف عامل معاملة اليقين فاليقين بالواقع وجعل الظن مقام العلم كلاهما يكونان طريقين إلى مصلحة الواقع ومن أسباب إبراز الإرادة لا غير.
ومنها ان الأمارات تنزل الظاهر منزلة الواقع فمعنى صدق العادل يصير نزل مؤدى قوله منزلة الواقع مثل ما إذا كان واجبا في الواقع فقال العادل انه واجب فيصير في ما أخبر به العادل مصلحة ويكون حكما مماثلا للواقع النّفس الأمري وهذا مشهور كما سيجيء ولو لم يكن في الواقع كذلك يكون لغوا كما عليه الشيخ (قده) ومنها ما عن المحقق الخراسانيّ وهو ان الحجية والحجة في الأمارات يصلح الجعل فيها أي يكون قول العادل حجة وسيجيء ان ذلك أيضا فاسد والفرق بين الحجة والحجية : ان الحجة تكون في ذات الأمارة والحجية مجعولة وكلتاهما تستفاد ان من كلامه (قده) ومشارب أخر فيها لا يكون المقام مقام بحثه وفحصه بل سيجيء الكلام في مواضعه إن شاء الله.
فإذا عرفت ذلك فاعلم ان الحجة المنطقية يجب ان يكون للوسط فيها دخل في ثبوت الحكم للموضوع والحجة الأصولية يثبت حكم متعلقه مثل البينة القائمة على موضوع ذي أثر فالقطع يثبت الحكم ولكن يكون فيه أعلى درجة الإثبات بل هو نفسه.
والظن على مذهب من يقول بجعل المماثل والأحكام الظاهرية فالحجة المنطقية تطلق عليه لأنه يثبت الحكم للموضوع ويكون علة لإثباته خلاف ما قال الشيخ (قده) نظير القطع إذا كان جزء الموضوع فإذا فرض ان مظنون الحرمة بالظن يجعل مماثله