وقد أشكل عليها بإشكالات منها أن مفاده سعة الناس بالنسبة إلى الحكم الّذي لا يعلمونه واما الّذي يعلمه الناس فلا سعة لهم فيه والاحتياط يكون هو الحكم في موارد الشبهة فأخبار الاحتياط وارد عليه لرفع موضوعه بواسطة تلك الاخبار.
وأجاب عنه في الكفاية ص ١٧٦ بما حاصله ان الاحتياط يكون لانحفاظ الواقع فإذا علمنا بالحكم يجب الاحتياط لحفظه واما الحكم الّذي ما علمناه بعد فلا يكون لوجوب الاحتياط بالنسبة إليه وجه ولا نكون في ضيق من ذلك نعم لو كان للاحتياط وجوب نفسي لكان الناس في ضيق عند الشبهة وهو غير صحيح فالتعارض بين هذا الخبر واخبار الاحتياط محقق.
أقول وجوب الاحتياط سواء كان نفسيا أو غيريا لا يكون واردا على الحديث لأنا لنا المعذر وهو هذا الخبر وسائر الاخبار فانه يكون وجوبه في صورة عدم جعل البراءة عند الشك وهو ليس بعلم حتى يكون غاية لدليله.
فان قلت الاحتياط ليس بعلم كما ذكرت ولكن ينتج نتيجته لأن العلم موصل إلى الواقع وهو أيضا يكون كذلك وبه يحفظ الواقع.
لأنا نقول الناس في سعة ما لا يعلمون يكون معناه ما لا يعلمونه بطريقه بأن لا يكون دليل خاص بالنسبة إليه لا أن يكون المراد أن السعة تكون فيما لا يعلم حتى بالاحتياط.
فان قلت المراد من السعة في ما لا يعلمون هو السعة ما لم يعلم الواقع ولا يعلم الوظيفة سواء كان إحرازها بالعلم أو بطريق آخر ولا شبهة في أن الاحتياط وظيفة من لا يعلم فيكون العلم بالوظيفة حاصلا كما أن المجتهد الّذي يكون سنده البراءة في فتواه يرجع إليه بدليل رجوع الجاهل إلى العالم والغرض أنه لا يكون له علم بالواقع بل بالوظيفة فالناس في سعة ما لا يعلمونه واما ما يعلمونه ولو بالعلم بالوظيفة المقررة فليس مما لا يعلم فيكون الاحتياط واردا على البراءة.
قلت هذا خلاف الظاهر أولا لأن المراد بما لا يعلم هو عدم العلم بالواقع لا ما لا يعلم ولا يعلم الوظيفة في مورده حتى يصح أن يقال الاحتياط وظيفة.