والجواب عنه لا شبهة ولا ريب في أن الحجب لا يصدق إلّا بعد وجود شيء فان من لا زوجة له لا يأمر بحجابها ففي المقام اما ان يكون المحجوب هو التكليف الإنشائي أو التكليف الفعلي ونختار ان يكون الثاني ونسبة حجبه إلى الله تعالى تكون لعدم جعله الاحتياط في مورده فان كان جعله لكان ينحفظ الواقع به فحيث لم يجعله يكون الحجب مستندا إليه.
وقد أشكل صاحب الوسائل على الحديث بأن معنى الحديث هو وضع التكليف في صورة الحجب وهو يكون في صورة وجوب شيء في الواقع ثم وضعه أي رفعه عند الجهل وهذا لا يشمل التروك فان الترك ترك بنفسه لا يحتاج إلى الوضع.
والجواب عنه ان الترك يكون الزجر عن فعله تكليفا فلا يكون عدما محضا فان ترك شرب الخمر مثلا واجب فلو جعل الاحتياط يجب ترك أشياء ليحصل الزجر عنه في الواقع وإذا لم يجعله يكون هذا رفعا فلا يرد هذا الإشكال أيضا على الحديث ويكون دلالتها على البراءة تامة.
ومنها الناس في سعة ما لا يعلمون (١) وتقريب الاستدلال بتناسب الحكم والموضوع وهو أن الحكم الّذي لا يعلمه الناس يكون مرفوعا عنهم لأن معنى السعة ليس إلّا هذا فلو جعل الاحتياط في الموارد المشتبهة لا يكون الناس في سعة بل في ضيق فهذا الخبر مثل السابق يدل على البراءة وعدم وجوب الاحتياط.
__________________
(١) ما وجدت هذا الحديث بهذا النحو في الوسائل وحكى انه عن بعض كتب العامة.
وما وجدت في الوسائل في ج ٢ في باب ٥٠ من أبواب النجاسات وعنوانه باب طهارة ما يشترى من مسلم ومن سوق المسلمين ح ١١ هو رواية عن السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام قريبة إلى هذا المعنى فان قوله في ذيل الحديث يا أمير المؤمنين عليهالسلام لا يدرى سفرة مسلم أم سفرة مجوسي فقال عليهالسلام هم في سعة حتى يعلموا قريب إلى هذا المعنى فيمكن ان يكون قولهم الناس في سعة ما لا يعلمون نقل العبارة بالمعنى.