أدلة البراءة منصرفة عن هذا المورد.
وكلا الدعويان ممنوعان اما الأول (١) فلان العلم هو النور ويكون له الأثر حين وجوده واما إذا صار مبدلا بالجهل فلا يكون له الأثر والشاهد عليه ان الشك الساري يقولون له الأثر بالنسبة إلى اليقين السابق في الاستصحاب فلو كان المدار على حال قبل الشك فيجب ان لا يعتنى بالشك الساري هذا فساد أصل الاستدلال.
__________________
(١) أقول ان بقاء أثر العلم يكون في العلم الإجمالي هو الحكم الشرعي فان القول بالاجتناب عن الطرف المشكوك بعد خروج الآخر عن الابتلاء يكون من باب العلم بالحكم وهو من تطبيق الحكم على الموضوع والكلام ليس في العلم الّذي يكون في صقع النّفس فقط حتى يقال انه لا يموت بل الكلام فيما ينطبق ولا بد اما من القول ببقاء الأثر بالإجماع أو بالتعبد المستفاد من قوله عليهالسلام في الإناءين يهريقهما ويتيمم ولو لا ذلك لأمكن القول بأنه يهرق أحدهما ثم يتوضأ بالآخر لأنه طريق إماتة العلم أو القول بالعلم الإجمالي المؤرّب الّذي يكون لنا الكلام فيه في محله.
ولا نطمئن بتقريبه ومع ذلك يكون الفرق الواضح بين العلم في المقام والعلم الإجمالي لأنا لا نكون بصدد إثبات حكم بواسطة الالتفات بالترك عن تساهل بل صاحب هذا القول يريد ان يقول بأن العلم كذلك قبل الوقت صار سببا لانصراف أدلة الأصول نظير موارد الإقدام على الضرر فانه حيث يكون المقدم على الجهل فعلا قصوره في ظرف وجوب إتيان الصلاة يمكن ان يقال انه يكون مقدما على الجهل فلا يشمله أدلة البراءة.
وهذا التقريب يكون له وجه وجيه لما نحن فيه إلّا انه مبنى على القول بأن دليل البراءة حيث يكون امتنانيا يكون في صورة كون وضع التكليف خلاف الامتنان وحيث لم يكن بالنسبة إلى هذا الشخص وضع التكليف خلاف الامتنان لا يكون الرفع شاملا له واما على فرض القول بأن الرفع يكفى ان يكون امتنانا ولو لم يكن الوضع خلاف الامتنان كما انّه لعله المستفاد من إطلاق الدليل فلا إشكال في ان يكون الحديث شاملا لهذا الشخص أيضا.