هو أن الأمر المجعول الشرعي يجب ان يكون بحيث لو لا حكم الشرع لم يكن الواقع موجودا في عالم التكوين ففي صورة دوران الأمر بين المحذورين يكون الشخص اما فاعلا أو تاركا سواء كان عليه الأمر بالتخيير أو لم يكن بل لا يمكن وجود الأمر وإعمال التعبد لأنه يكون من تحصيل الحاصل.
واما العلم الإجمالي بأحدهما أعني الوجوب والحرمة فلا أثر له أيضا لما ذكر أيضا لأنه يكون في صورة إمكان حفظ الواقع الّذي لم يكن منحفظا لو لا متابعة العلم فان العلم الإجمالي بنجاسة أحد الكأسين يوجب التنجز بالنسبة إلى الواقع الّذي في البين ولو لا تنجيزه لم يكن منحفظا لأن المكلف يتركه لولاه.
واما في دوران الأمر بين المحذورين فالواقع لا يمكن حفظه لأنه لا يعلم انه هو الفعل أو الترك ولا سبيل إلى إحرازه بخلاف الصورة السابقة فانه بالجمع بين المحتملات يمكن حفظ الواقع فلا أثر للعلم الإجمالي ولا لتعبد آخر فلا يكون وجه للتعبدي الظاهري ولا الواقعي.
اما أصل التخيير فلا يجري لأن الترك لا يكون فيه المصلحة ويكون تصوير التخيير في دوران الأمر بين المصلحتين واما إذا لم يكن أحدهما الا الترك فلا مجال للقول به.
ويمكن الإشكال عليه بأنه يمكن ان يكون الترك محدث عنوان من العناوين فيكون ذاك العنوان ذا مصلحة كما في المكروهات ولكن الإشكال ما ذكره من عدم إمكان التخيير واقعا لأنه حاصل هذا بالنسبة إلى التخيير الواقعي.
واما التخيير الظاهري فقال شيخنا العراقي قده يمكن تصويره أصوليا لأنه على ما حرر في محله يكون التخيير على قسمين :
الأول هو الفقهي وهو الّذي يكون بالنظر إلى الواقع كخصال الكفارات ففي المقام حيث يكون التخيير بين الفعل والترك بالنظر إلى الواقع حاصلا (١) لا يتصور
__________________
(١) أقول مضافا إلى انه يكون بعد ثبوت الحكم على الشخص وفي المقام يكون الكلام في تشخيص الحكم.