هذا المقام بقوله (١) قلت أصالة الحل غير جارية هنا بعد فرض كون المحرم الواقعي مكلفا بالاجتناب عنه منجزا على ما هو مقتضى الخطاب بالاجتناب عنه لأن مقتضى العقل في الاشتغال اليقينيّ بترك الحرام الواقعي هو الاحتياط والتحرز عن كلا المشتبهين حتى لا يقع في محذور فعل الحرام وهو معنى المرسل المروي في بعض كتب الفتاوى اترك ما لا بأس به حذرا عما به بأس فلا يبقى مجال للإذن في فعل أحدهما انتهى.
وقال في موضع آخر قلت العلم الإجمالي (٢) كالتفصيلي علة تامة لتنجز التكليف بالمعلوم إلّا ان المعلوم إجمالا يصلح لأن يجعل أحد محتمليه بدلا عنه في الظاهر فكل مورد حكم الشارع بكفاية أحد المحتملين للواقع اما تعيينا كحكمه بالاحتمال المطابق للحالة السابقة واما تخييرا كما في موارد التخيير بين الاحتمالين فهو من باب الاكتفاء عن الواقع بذلك المتحمل لا الترخيص لترك الواقع بلا بدل في الجملة فان الواقع إذا علم به وعلم إرادة المولى لشيء وصدور الخطاب عنه إلى العبيد وان لم يصل إليهم لم يكن بد عن موافقته اما حقيقة بالاحتياط واما حكما بفعل ما جعله الشارع بدلا عنه وقد تقدم الإشارة إلى ذلك في الشبهة المحصورة.
وقوله ان الأصول تجري وتسقط بالمعارضة يكون نصا في الاقتضاء وعدم العلية ولا يخفى ان العلية التامة التي ندعيها لا تكون ما ذكر من تعارض الأصول ثم القول بالاشتغال بحيث لو فرض جريان الأصل بدون المعارض لا يكون فيه الإشكال بل يكون معناه عدم جريان الأصل ولو كان بلا معارض لتنجيز العلم.
وقد وجّه النائيني قده كلام الشيخ بحيث يفيد لنفسه لقوله بالاقتضاء وهو انه يقول ان الموافقة القطعية وان كانت لازمة ولكن بالأعم من التعبدي والوجداني فإذا
__________________
(١) في الرسائل الحاضر عندي ص ٢٣٠
(٢) وجدت عبارته تماما بعد إتعاب شديد في الرسائل في مبحث الاشتغال في المطلب الثاني والمسألة الأولى من قوله القسم الأول في ص ٢٤٨ في الرسائل الحاضر عندي ـ