ولكن الحكم بذلك ليس على إطلاقه بل له قيود ثلاثة الجهل بالواقع وإمكان الحكم على المؤدى بأنه الواقع وعدم لزوم المخالفة العملية والثالث مفقود في المقام لأن جريان الأصل في الطرفين يلزم منه مخالفة عملية للمعلوم بالإجمال وكون المجعول أحدها تخييرا وان كان ممكنا ثبوتا ولكن لا دليل لنا على جريانه كذلك في مقام الإثبات.
وبعبارة أخرى كما تعرض له في لباس المشكوك ان مفاد الأصول النافية النفي ومفاد الأصول المثبتة ليس إلّا الأمر بتطبيق العمل على طبق ما له مصلحة في الواقع مثل العلم بان الأمر الفلاني كان واجبا ثم الشك في وجوبه فان مفاد الاستصحاب هو القول بالوجوب لمصلحة في الواجب لا لمصلحة في جريان الأصل ليقال انه مثل باب الأمارات واختيار إحدى المصلحتين لازم مثلا.
أقول اما جوابه في إنكاره التخيير من باب الكاشف فهو انه يكون من نسيان المبنى فانه لو كان الأمر كما ذكره فلأي جهة يقول بجريان الأصلين في صورة كون المعلوم في الطرفين في الحالة السابقة النجاسة لأحد الكأسين مثلا ثم حصل العلم الإجمالي بطهارة أحدهما فلو كان للأصل مانع من جهة العلم الإجمالي فلما ذا يقول بجريان الأصل في كلا الطرفين فكما يقول به هناك يجب ان يقول به هنا ولا مجال له لأن يقول لا يجري الأصل بالنسبة إلى المجموع فجريان الأصل لا مانع منه ويكون التنجيز للعلم في مرحلة الامتثال وحكم العقل بالتنجيز يكون متأخرا عن جعل الأصل لأن الامتثال متأخر عن الجعل فكيف يقول بان الأصل لا يجري أصلا فان حكم العقل المتأخر لا يمكن ان يكون مخصصا لدليل الأصل.
ولقد أجاد الشيخ (قده) حيث قال بان أدلة الأصول تشمل كل طرف تعيينا والحكم بالتخيير في كل طرف يكون من باب جعل البدل للواقع في مرحلة الامتثال فالأصل جار لو لم يكن العلم الإجمالي علة تامة ولكنه على التحقيق علة تامة.
واما الجواب عن اشكاله في التخيير من باب المدلول والمنكشف فهو ان الأصول الّذي فرضه بدون المصلحة لا يكون كلاما تاما لأن مصلحة التسهيل في جعل