وغيره موجود ففي الأول يحكم العقل بالاشتغال وفي الثاني بالبراءة والفرق واضح وما نحن فيه قامت الأمارة على الواقع فان كان واقع في البين يكون الأمارات والأصول بيانا فما هو وظيفة المولى ان صادف الواقع يكون بيانا وبعد المصادفة وتمامية البيان يعاقب العبد عند المحاجة والمؤمن لا يكون هنا لا من جهة العقل ولا الشرع والنكتة في ذلك ان جميع الطرق ان خالف الواقع يكون طغيانا عند عدم الانزجار فمهما لا تكون البراءة الشرعية ولا العقلية يستحق العقاب فلا فرق بين القطع وسائر الطرق نعم ان كانت حجية الأمارات من باب السببية فيحصل التجري بنفس مخالفته.
والحاصل ان الحكم التكليفي الّذي يتجري العبد بالنسبة إليه اما ان يكون من ما ثبت بالقطع أو بالظن أو بالاحتمال اما الّذي ثبت بالقطع فلا شبهة في صدق التجري بالنسبة إليه إذا لم يصادف الواقع واما الّذي ثبت بالظن فهو أيضا يكون مثل الّذي ثبت بالقطع في إثبات التكليف سواء في ذلك الأصول والأمارات فان مخالفته يكون مخالفة للحكم الشرعي وانه على تقدير المصادفة مع الواقع حجة ولو كان طريقا إلى الواقع.
وقد زعم شيخنا الأستاذ العراقي (قده) في هذا المقام عدم صدق التجري إذا أتى بنية عدم الإصابة إلى الواقع مستدلا بان الأمارات حجة من باب انها طريق إلى الواقع وكذلك الأصول ولو لا الواقع فيكون العمل على طبقها لغوا فإذا لم يصب الواقع واقعا وقد تبين ان ما قامت البينة على انه خمر ما كان بخمر وشربه بنية كونه غيره فلم يفعل قبيحا فلا يصدق التجري على المولى.
وفيه ان الأمارات في كل الموارد يحتمل ان يكون غير مصادفة للواقع وكل مورد يكون من الشبهة المصداقية بالنسبة إلى الإصابة وعدمها ولكن يكون بيانيتها على فرض الإصابة إلى الواقع تماما فكل مورد قامت الأمارة على حكم أو موضوع لا يجوز مخالفتها فمن خالفها ولو بنية عدم الإصابة إلى الواقع يكون متجريا كمن شرب مقطوع الخمرية بنية عدم الإصابة وهذا القدر لا يكفى في رفع التجري.