بأحدهما تخييرا لازم لأن الفرض ان اللازم هو الالتزام بأحدهما تعيينا لا أحدهما تخييرا فيكون أيضا تشريعا وما ورد في باب المتعارضين من التخيير في العمل بأحدهما لا يكون دليلا على وجوب الالتزام أيضا كذلك فإجراء الأصل بالنسبة إلى أطراف العلم الإجمالي بان يقال الأصل عدم وجوب الالتزام بهذا بعينه وذاك كذلك لا مانع منه واما إذا قلنا بان الالتزام الإجمالي لازم فلا يمكن جريان الأصل لأن اللازم منه العلم بالمخالفة القطعية ولكن لا لما ذكره الشيخ الأنصاري (قده) في الرسالة من أن لازم جريان الأصل هو الاذن في المخالفة العملية للتكليف بالالتزام فانه مختص بما إذا كان هنا تكليف مولوي شرعي بالالتزام وهو لم يكن في المقام بل لأن المخالفة الالتزامية أيضا معصية التزامية للتكليف كالمخالفة العملية والاذن في المعصية قبيح في كل شيء بعد وجود العلم الإجمالي بتكليف مردد في البين.
ولا يخفى ان ما ذكره (قده) يكون في صورة ان يكون المراد الالتزام بالحكم المعين واما الالتزام الإجمالي فهو مما لا إشكال فيه فانا نلتزم بأن الواقع المردد في البين هو من الله تعالى مثلا ولا مانع في النّفس من اعتقاد هذا النحو من الحكم كما إذا اعتقد بالإباحة الشرعية إذا كان دوران الأمر بين كون الواجب هذا أو ذاك وكما إذا اعتقد بأصل حكم إلزاميّ في البين إذا كان الدوران بين الوجوب والحرمة من باب ان الانقياد حسن على أي حال.
والحاصل مراد الشيخ (قده) هو ان الالتزام الّذي يكون واجبا يكون هو الالتزام بالحكم وحيث لم يكن حكم منجز لا يكون لوجوب الالتزام معنى ضرورة أنه يكون في رتبة الموضوع له فعلى هذا في موارد دوران الأمر بين المحذورين أو المتعارضين حيث لم يكن في وسعنا ان نقول بوجوب كل واحد بعينه ضرورة انه لا يتمشى القصد القلبي من عاقل على امر لا يعلم بوجوده واقعا فكيف من لم يعلم بوجوب هذا بعينه يلتزم بوجوبه بعينه الا على نحو التشريع على مسلك القوم اللهم إلّا ان يكون البناء الظاهري العملي كالبناء على ان الشك يقين في باب الاستصحاب