مجازنا من القرآن والخطاب ، وأنّه لقوّته وظهوره قد يكاد يلحق بالحقائق ، وليس يمكن المخالف أن يستشهد في استعمال مجازه لا قرآنا ولا سنّة ولا عرفا في الخطاب ؛ لأن خلو سائر الخطاب من استعمال مثل قوله : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) إلّا على معنى يؤتون الزكاة في حال الركوع ظاهر ، وكذلك خلوه من استعمال لفظة (إنّما) على وجه التخصيص وإن وجدت هذه اللفظة فيما يخالف ما ذكرناه فلن يكون ذلك إلّا على وجه الشذوذ والمجاز ، ولا بدّ أن يكون هناك شبه قوي يختصّ بالصفة ولا تثبت إلّا له حتى يكون المسوّغ لاستعمالها قوّة الشبه بما يبلغ الغاية في الاختصاص.
والوجه الآخر : انا إذا حملنا الآية على أحد المجازين اللذين في خبر المخالف ليصحّ تأولها على معنى الولاية في الدين دون ما يقتضي وجوب الطاعة والتحقق بالتدبير لم نستفد بها إلّا ما هو معلوم لنا ؛ لأنا نعلم وجوب تولّي المؤمن في الدّين بالقرآن ، وقد تأولنا الآية الدالة على ذلك فيما تقدم ، وبالسنّة والاجماع ، والأمر فيه ظاهر جدّا ؛ لأن كل أحد يعلمه من دين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإذا عدلنا إلى المجاز الذي اخترناه في تأويل الآية استفدنا معه بالآية فائدة ظاهرة لا تجري مجرى الأولى ، وكلام الحكيم كما يجب حمله على الوجه الذي يفيد عليه ، كذلك حمله على ما كان أزيد فائدة ، فظهرت مزية تأويلنا على كلّ وجه.
وبعد ، فمن ذهب من مخالفينا إلى أن الألف واللام إذا لم يكونا للعهد اقتضتا الاستغراق وهم الجمهور وصاحب الكتاب أحد من يرى ذلك ، فلا بدّ له في تأويل الآية من مجاز آخر زائد على ما تقدم ؛ لأن لفظه «الذين آمنوا» تقتضي الاستغراق على مذهبه ، وهو في الآية لا يصحّ أن يكون مستغرقا لجميع المؤمنين ؛ لأنّه لا بدّ أن يكون خطابا للمؤمنين ؛ لأن الموالاة في الدين لا تجوز لغيرهم ، ولا بدّ أن يكون من خوطب بها ووجّه بقوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) خارجا عمّن عني بالذين آمنوا وإلّا أدّى إلى أن يكون كلّ واحد ولي نفسه ، فوجب أن يكون لفظ «الذين آمنوا» غير مستغرق لجميع المؤمنين ، وإذا خرج عن