إيجاب الطاعة لسائر الأمور ولستم ممن يثبت للعموم صيغة في اللغة فتتعلقون بلفظة «من» وعمومها؟ وما الذي يمنع على أصولكم من أن يكون أوجب طاعته على واحد من الناس أو جماعة من الأمّة قليلة العدد؟ لأنّه لا خلاف في عموم تقرير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للأمة وعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد : «فمن كنت مولاه» وإن لم يكن للعموم صيغة ، وقد بيّنا أن الذي أوجبه ثانيا يجب مطابقته لما قدّمه في وجهه وعمومه في الأمور ، فكذلك يجب عمومه في المخاطبين بمثل تلك الطريقة ؛ ولأنّ كلّ من أوجب من الخبر فرض الطاعة وما يرجع إلى معنى الإمامة ذهب إلى عمومه لجميع المكلّفين ، كما ذهب إلى عمومه في الأفعال.
طريقة أخرى في الاستدلال بخبر الغدير : وقد يستدلّ على إيجاب الإمامة من الخبر بأن يقال : قد علمنا أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أوجب لأمير المؤمنين عليهالسلام أمرا كان واجبا له لا محالة ، فيجب أن يعتبر ما يحتمله لفظة «مولى» من الأقسام وما يصحّ منها كون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مختصّا به ، وما لا يصحّ وما يجوز أن يوجبه لغيره في تلك الحال ، وما لا يجوز وما يحتمله لفظ «مولى» ينقسم إلى أقسام : منها ما لم يكن صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عليه ، ومنها ما كان عليه ، ومعلوم لكلّ أحد أنه عليهالسلام لم يرده. ومنها ما كان عليه ، ومعلوم بالدليل أنه لم يرده. ومنها : ما كان حاصلا له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويجب أن يريده ؛ لبطلان سائر الأقسام ، واستحالة خلو كلامه من معنى وفائدة.
فالقسم الأول : هو المعتق (١) والحليف ؛ لأن الحليف هو الذي ينضم إلى قبيلة أو عشيرة ، فيحالفها على نصرته والدفاع عنه ، فيكون منتسبا إليها متعزّزا بها ، ولم يكن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حليفا لأحد على هذا الوجه.
والقسم الثاني : ينقسم على قسمين : أحدهما : معلوم أنه لم يرده لبطلانه في نفسه ، كالمعتق (٢) والمالك والجار والصهر والحليف والإمام إذا عدّ من أقسام مولى.
__________________
(١) بفتح التاء.
(٢) بكسر التاء.