والآخر : معلوم أنه لم يرده من حيث لم يكن فيه فائدة وكان ظاهرا شائعا وهو ابن العم.
[القسم] الثالث : الذي يعلم بالدليل أنه لم يرده : هو ولاية الدّين ، والنصرة فيه ، والمحبّة أو ولاء المعتق ؛ والدليل على أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يرد ذلك ان كلّ أحد يعلم من دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجوب تولّي المؤمنين ونصرتهم وقد نطق الكتاب به ، وليس يحسن أن يجمعهم على الصورة التي حكيت في تلك الحال ، ويعلمهم ما هم مضطرّون إليه من دينه ،! وكذلك هم يعلمون أن ولاء العتق لبني العمّ قبل الشريعة وبعدها ، وقول عمر بن الخطاب في الحال على ما تظاهرت به الرواية لأمير المؤمنين عليهالسلام «أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة» يبطل أن يكون المراد بالخبر ولاء العتق ، ولمثل ما ذكرناه في إبطال أن يكون المراد بالخبر ولاء العتق أو إيجاب النصرة في الدين استبعد أن يريد صلىاللهعليهوآلهوسلم قسم ابن العم ؛ لأن خلو الكلام من فائدة متى حمل على أحد الأمرين ، كخلوّه منها إذا حمل على الآخر ، فلم يبق إلّا القسم الرابع الذي كان حاصلا له عليهالسلام ويجب أن يريده وهو الأولى بتدبير الأمة وأمرهم ونهيهم ، وقد دلّلنا على أن من كان بهذه الصفة فهو الإمام المفترض الطاعة ، ودلّلنا أيضا فيما تقدّم على أنّ من جملة أقسام «مولى» «الأولى» فليس لأحد أن يعترض بذلك ، وليس له أيضا أن يقول : قد ادّعيتم في صدر الاستدلال ان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أوجب أمرا كان له ، وليس يجب ما ادعيتموه ، بل لا يمتنع أن يريد بقوله : «فمن كنت مولاه» ما يرجع إلى وجوب الطاعة ، ويريد بقوله : «فعليّ مولاه» أمرا آخر لم يكن عليه ، ولا يتعلّق بما تقدّم ؛ لأنا لا نفتقر في هذه الطريقة إلى أن نثبت أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أوجب ما كان حاصلا له ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا بدّ أن يوجب بلفظة «مولى» على كلّ حال ، أحد ما يحتمله في اللغة من الأقسام ، وقد علمنا بطلان إيجابه لما عدا الإمامة من سائر الأقسام بما تقدّم ذكره ، فوجب أن يكون المراد هو الإمامة ، وإلّا فلا فائدة في الكلام ، وليس له أن يقول : إن المراد هو إثبات الموالاة ظاهرا وباطنا ؛ لأن إبطال هذا الوجه يأتي عند الكلام على صاحب الكتاب مستقصى.