طريقة أخرى : ويمكن أن يستدل من ذهب إلى أن اللفظ المحتمل لأمور كثيرة إذا أطلق يجب حمله على سائر محتملاته إلّا ما منع منه الدليل ، على إيجاب الإمامة من الخبر ، بهذه الطريقة ؛ بعد أن يبيّن أن من أقسام «مولى» «أولى» ، وإن «أولى» يفيد معنى الإمامة ، وقد ذكرنا فيما تقدّم فساد الاستدلال بطريقة الاحتمال ، وأن الأصل الذي هي مبنية عليه لا يثبت صحّته ، وإذا قد فرغنا ممّا أردنا تقديمه امام مناقضته فنحن نرجع إلى كلامه ، فنقول :
أما الدلالة الأولى : فقد رتبناها وشرحناها وهي على خلاف ما حكاه ؛ لأنا لا نقول : إنّ المراد بلفظة «مولى» لو لم يطابق المقدّمة ، لم تكن للمقدّمة فائدة ، بل الدلالة على وجوب مطابقتها للمقدّمة قد بيّنّاها في كلامنا.
فأمّا الدلالة الثانية : التي حكاها فليست دلالة تقوم بنفسها ؛ لأنّه لو قيل للمستدل بها : لم زعمت أنه لا بدّ أن يبيّن في تلك الحال أمرا عظيما ، ثم لم زعمت أنه ليس في أقسام «مولى» أمر عظيم يستحق أن يبيّن؟ وأن سائر ما يذكر لا يصحّ أن يراد لم يكن بدّ من الرجوع إلى طريقة التقسيم التي ذكرناها.
فأمّا الدلالة الثالثة : وهي دلالة التقسيم ، وقد مضت مرتبة.
وأمّا الدلالة الرابعة : فتجري مجرى الثالثة في أنها متى لم يستند إلى دلالة كانت دعوى : لأن أصحابنا إنما يقولون : لو لم يرد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما ذهبنا إليه لوجب أن يكون ملبّسا محيّرا.
إذا تبيّن وجه دلالة القول على الإمامة فلا بد إذا من بيان إيجاب القول للإمامة بالطريقة المتقدّمة ليستقيم أن يقول : إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لكان محيّرا.
وأما المعرفة بقصده عليهالسلام ضرورة فليس ممّا يعتمده أصحابنا في هذا الخبر وأمثاله ، ولا يمتنع عندنا أن يكون المراد معلوما بضرب من الاستدلال ، ولا يقولون أيضا : لو لم نعرف القصد من الكلام باضطرار لم يكن بيانا ، بل يقولون : لو لم يرد الإمامة مع إيجاب خطابه لها لكان ملغزا عادلا عن طريق البيان ، بل عن طريق الحكمة.