دون بعض من الأوقات ، كما لا تخصيص في ظاهر خبر الغدير ، ولم يقل أحد انه تعالى أوجب بالآية موالاة المؤمنين على الظاهر دون الباطن ، وفي الأحوال التي يظهر منهم فيها الإيمان ، وما يقتضي الموالاة ، فلا ينكر أن يكون ما أوجب من الموالاة في خبر الغدير جاريا هذا المجرى ، وليس لأحد أن يقول : متى حملنا ما أوجب من الموالاة في الخبر على الظاهر دون الباطن لم نجعله مفيدا ؛ لأن وجوب هذه الموالاة لجميع المؤمنين معلوم قبل الخبر ، فيجب أن يكون المراد ما ذكرناه من الموالاة المخصوصة ، وذلك أن الذي ذكره يوجب العدول عن حمله على الموالاة جملة ؛ لأنّه ليس هو بأن يقترح إضافته إلى الموالاة المطلقة التي يحتملها اللفظ وزيادة فيها ليجعل للخبر فائدة أولى ممن أضاف إلى الموالاة ما نذهب إليه من إيجاب فرض الطاعة ، وقال : إنه عليهالسلام إنما أراد من كان يواليني موالاة من يجب طاعته ، والتدبر بتدبيره فيلوال عليّا على هذا الوجه ، واعتلّ في تمحّله (١) من الزيادة أيضا طلب الفائدة للخبر ، وإذا حاول دعوى من ادّعى الموالاة المخصوصة غيرها وجب إطراحها ، والرجوع إلى ما يقتضيه اللفظ ، فإذا علمنا أن حمله على الموالاة المطلقة الحاصلة بين جميع المؤمنين يسقط الفائدة وجب أن يكون المراد ما ذهبنا إليه من كونه أولى بتدبيرهم وأمرهم ونهيهم.
وإن أردت القسم الثالث (٢) قلنا لك : لم زعمت أنه عليهالسلام إذا كان ممن يجب له الموالاة على الظاهر والباطن وفي كلّ حال فلا بدّ أن يكون ما أوجبه في الخبر مماثلا للواجب له؟ أولستم تمنعونا ممّا هو آكد من استدلالكم هذا إذا أوجبنا حمل لفظة. «مولى» على ما تقتضيه المقدّمة وأحلنا أن يعدل بها عن المعنى الأوّل وتدّعون أن الذي أوجبناه غير واجب وأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لو صرّح بخلافه حتى يقول بعد المقدّمة : فمن وجب عليه موالاتي فليوال عليّا ، أو فمن
__________________
(١) المماحلة : المماكرة والمكايدة.
(٢) وهو ولاية الدين والنصرة فيه والمحبّة ، أو ولاء المعتق ـ بكسر التاء ـ وقد علم بالدليل أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يرده في حديث الولاية.