من دفعه ، أن المراد بلفظة «مولى» يجب أن يكون موافقا للمقدمة ، وأنه لا يسوغ حمله إلّا على معناها ، ولو صحّ أن يراد بلفظة «مولى» ما حكيته عن شيخيك ـ وكان ذلك من بعض أقسامها في اللغة ، وليس بصحيح في الحقيقة ـ لكان حكم هذا المعنى حكم سائر المعاني التي تحتملها اللفظة في وجوب صرف المراد عنها ، وحمله على ما تضمنته المقدّمة على ما دلّلنا عليه ، فلم يبق إلّا أن يبيّن أنه غير قادح أيضا في دلالة التقسيم ، والذي يبيّنه أنّك لا تخلو فيما ادّعيته من حمل الكلام على إيجاب الموالاة مع القطع على الباطن ، من أن تسنده إلى ما يقتضيه لفظة «مولى» ووضعها في اللغة أو في عرف الشريعة أو إلى إطلاق الكلام من غير تقييد بوقت ، وتخصيص بحال ، أو إلى أن ما أوجبه عليهالسلام يجب أن يكون مثل ما وجب له ، وإذا كان الواجب له هو الموالاة على هذا الوجه وجب مثله فيما أوجبه ، فإن أردت الأول فهو ظاهر الفساد ؛ لأن من المعلوم أن لفظة «مولى» لا تفيد ذلك في اللغة ولا في الشريعة ، وانها إنما تفيد في جملة ما يحتمله من الأقسام ، تولي النصرة والمحبة من غير تعلّق بالقطع على الباطن ، أو عموم سائر الأوقات ، ولو كانت فائدتها ما ادّعيته لوجب أن لا يكون في العالم أحد مواليا لغيره على الحقيقة ، إلّا أن يكون ذلك الغير نبيّا أو إماما معصوما ، وفي علمنا بإجراء هذه اللفظة حقيقة في المؤمن وكلّ من تولّى نصرة غيره وإن لم يكن قاطعا على باطنه دليل على أن فائدتها ما ذكرناه دون غيره ، وإن أردت الثاني فغير واجب أن يقطع على عموم القول بجميع الأوقات من حيث لم يقيّد بوقت ؛ لأنّه كما لم يكن في اللفظ تخصيص بوقت بعينه ، فكذلك ليس فيه ذكر قد استوعب الأوقات ، فادعاء أحد الأمرين لفقد خلافه من اللفظ كادّعاء الآخر لمثل هذه العلة ، وقد بيّنا فيما مضى من الكتاب أن حمل الكلام على سائر الأوقات ، والحمل على سائر محتملاته لفقد ما يقتضي التخصيص غير صحيح ، وقد قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١) ولم يخصّص بعضا
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ٧١.