على خليفة له يقوم بالأمر بعده اقتضى ظاهر استخلافه الاستحقاق (١) في الحال ، والتصرّف بعدها بالعادة الجارية في أمثال هذا الاستخلاف (٢) فيجب بما ذكرناه أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام مستحقّا في تلك الحال ، وما وليها من أحوال حياة الرسول للإمامة ، والتصرّف في الأمة بالأمر والنهي بعد وفاته ، ومتى أحسنّا الظنّ بمن قال في أمير المؤمنين عليهالسلام : إنه إمام صامت في حال حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حملنا قوله من طريق المعنى على هذا الوجه وإن كان غالطا في إطلاقه لفظ الإمامة ؛ لأنّه لما رأى أن الخبر يقتضي لأمير المؤمنين عليهالسلام استحقاق الأمر والاختصاص به في الحال من غير تصرّف فيه ذهب إلى أنه الإمام ، وجعل صموته عن الدّعاء والقيام بالإمامة من حيث رأى أن التصرّف لا يجب له في الحال ، وأنه متأخّر عنها صمتا ؛ وإنّما غلط في الوصف بالإمامة من حيث كان الوصف بها يقتضي ثبوت التصرّف في الحال ، فمن لم يكن له التصرّف في حال من الأحوال لا يكون إماما فيها ، وقد أجاب قوم من أصحابنا بأن قالوا : إنّ الخبر يوجب لأمير المؤمنين عليهالسلام فرض الطاعة في الحال على جميع الأمة حتى يكون له عليهالسلام أن يتصرّف فيهم بالأمر والنهي ، ومنهم من خصّص وجوب فرض طاعته ، فقال : إن الكلام أوجب طاعته على سبيل الاستخلاف فليس له أن يتصرّف بالأمر والنهي والرسول حاضر ، وإنّما له أن يتصرّف في حال غيبته أو حال وفاته ، وامتنع الكلّ من إجراء اسم الإمامة عليه وإن كان مفترض الطاعة على الوجه الذي ذكرناه ، وقالوا : إنّما يجري اسم الإمامة على من اختصّ بفرض الطاعة مع أنه لا يد فوق يده ، فأمّا من كان مطاعا وعلى يده يد فإنه لا يكون إماما ولا يستحقّ هذه التسمية ، كما لا يستحقّها جميع أمراء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلفائه في الأمصار وإن كانوا مطاعين ، ويقولون : إن التسمية بالإمامة وإن امتنع منها في الحال فواجب إجراؤها بعد الوفاة ؛ لزوال العلّة المانعة من إجرائها ، والوجه الأول أقوى الثلاثة وهو الذي نختاره.
__________________
(١) في نسخة : الاستخلاف.
(٢) في نسخة : الاستحقاق.