في الحال لا وجه له ، ويعود الكلام فيه إلى غباوة (١) وكذلك إذا قالوا : إنّه إمام صامت ثم يصير ناطقا ؛ لأن ظاهر الخبر يقتضي له مثل ما يقتضي للرسول ، فإن أريد بذلك الإمامة وجب أن يكون له أن يتصرّف فيما إلى الإمام برأيه واجتهاده من دون مراجعة الرسول ، وليس ذلك بقول لأحد ومتى قالوا : يفعل ذلك بالمراجعة فليس له في ذلك من الاختصاص إلّا ما لغيره ...» (٢).
يقال له : من أين قلت : إنّ الذي أوجبه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في خبر الغدير يجب أن يكون ثابتا في الحال؟ فإن قالوا : لو لم أوجب ذلك إلّا من حيث أراكم توجبون عموم فرض الطاعة لسائر الخلق وفي سائر الأمور وتتعلّقون بالمقدّمة ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لما قرّر الأمة بفرض طاعته عليهم في كلّ أمر وجب مثله لمن أوجب له مثل ما كان واجبا لنفسه ، ومن المعلوم أن فرض طاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على الخلق لم يكن مختصّا بحال دون حال ، بل كان عامّا في سائر الأحوال التي من جملتها حال الخطاب بخبر الغدير فساوى ما ذكرتموه.
قيل له : امّا إذا صرت إلى هذا الوجه وأوجبت ما ادّعيته من هذه الجهة ، فأكثر ما فيه أن يكون ظاهر الخطاب يقتضيه ، وما يقتضيه ظاهر الخطاب قد يجوز الانصراف عنه بالدلائل ، ونحن نقول : إنّا لو خلّينا والظاهر لأوجبنا عموم فرض الطاعة لسائر الأحوال ، وإذا منع من ثبوت ما وجب بالخبر في حال حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم امتنعنا له وأوجبنا الحكم فيما يلي هذه الأحوال بالخبر ؛ لأنّه لا مانع من ثبوت الإمامة وفرض الطاعة فيها لغير الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإذا كان اللفظ يقتضي سائر الأحوال فخرج بعضها بدلالة نفي البعض.
وممّا نجيب به أيضا عن كلامه أنه قد ثبت كون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مستخلفا لأمير المؤمنين عليهالسلام بخبر الغدير ، والعادة جارية فيمن يستخلف أن يحصل له الاستحقاق في الحال ووجوب التصرّف بعد الحال ألا ترى أن الإمام إذا نصّ
__________________
(١) في الأصل والمخطوطة «عبارة» وهو تصحيف «غباوة» كما في المغني.
(٢) المغني ، ٢٠ : ١٤٧.