استعمالها» في الوجه الذي ذكره مغالطة ؛ لأن لفظة الموالاة غير لفظة «مولى» والموالاة وإن كان أصلها في اللغة المتابعة فإن العرف قد خصّصها بموالاة الدّين ومتابعة النصرة فيه ، ولفظة «مولى» خارجة عن هذا الباب وكلامنا إنّما هو في لفظة «مولى» لا في الموالاة والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقل من كان يواليني فليوال عليّا ، بل قال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه».
فأمّا استدلاله على ما ادّعاه بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهم وال من والاه» فغير واجب أن يكون ما تقدّم لفظة «مولى» محمولا على معنى الموالاة لأجل أن آخر الخبر تضمنها ؛ لأنّه لو صرّح بما ذهبنا إليه حتى يقول : من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه ، أو من كانت طاعتي عليه مفترضة فطاعة عليّ عليه مفترضة «اللهم وال من والاه» لكان كلاما صحيحا يليق بعضه ببعض ، ولسنا نعلم من أين ظنّ أن المراد بالكلام الأوّل لو كان إيجاب فرض الطاعة لم يلق بما تأخر عنه؟ فإنه من الظنّ البعيد ، وادّعاؤه إن عمر أراد بقوله : «أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة» ما ذهب إليه حتى جعل قوله دليلا على صحّة تأويله ، طريف ؛ لأنّ عمر لم يصرّح بشيء يدلّ على ما يخالف مذهبنا ويوافق مذهبه ، وإنّما شهد لأمير المؤمنين عليهالسلام بمثل ما تضمّنه لفظ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأيّ حجّة له في قوله وخصومه يقولون في جوابه : أنّ عمر لم يرد بكلامه إلّا ما ذهبنا إليه من وجوب فرض الطاعة والرئاسة ويكونون في ظاهر الحال منتصفين منه ، هذا إذا لم يدلوا على صحّة قولهم في اقتضاء الخبر للإمامة وفرض الطاعة ببعض ما تقدّم فيكونوا أسعد حالا من صاحب الكتاب وأظهر حجّة.
قال صاحب الكتاب : «ويدلّ على ذلك منه أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبت له هذا الحكم في الوقت ؛ لأنّه في حال ما أثبت نفسه مولى لهم أثبته مولى من غير تراخ ولا يصح أن يحمل ذلك على الإمامة ؛ لأن المتعالم من حاله أنه في حال حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يكون مشاركا للرسول في الأمور التي يقوم بها الإمام ، كما هو مشارك له في وجوب الموالاة باطنا وظاهرا ، فحمله على هذا الوجه هو الذي يقتضيه الظاهر وقولهم : إنه إمام في الوقت مع سلبهم إيّاه معنى الإمامة والتصرّف