الوجوه ، فليس في وجوب الموالاة على ما ذكر دلالة على صحّة تأويله ، ولو قال من خالف طريقة صاحب الكتاب أيضا : «ليس يمتنع أن يكون ما أوجبه من الموالاة يلزم من غاب وفيما بعد الحال على الحدّ الذي يلزم لجماعة المؤمنين ما داموا متمسّكين بالإيمان وما يقتضي التبجيل والتعظيم ، ولا يكون في ذلك دلالة على الموالاة المخصوصة التي ادّعيت» لم يمكنه دفع كلامه ، اللهم إلّا أن يقول : إنّني عنيت أن موالاته تلزم من غاب على كلّ حال وبغير شرط ، وكذلك في المستقبل من الأوقات ، وهذا إذا ادّعاه غير مسلم له ، وهو مدفوع عنه أشدّ الدفاع ولا سبيل عندنا إلى تثبيت هذه المنزلة بالخبر إلّا بعد أن يثبت ما نذهب إليه من إيجابه إمامته عليهالسلام.
فأمّا قوله : «وهذه منزلة عظيمة تفوق منزلة الإمامة» فغلط منه ؛ لأن الإمامة لا تحصل إلّا لمن حصلت له هذه المنزلة وقد تحصل هذه المنزلة لمن ليس بإمام فكيف تفوق منزلة الإمامة وهي مشتملة عليها مع اشتمالها على غيرها من المنازل العالية ، والرتب الشريفة ، وما ننكر أن يكون المنزلة التي ادّعاها من أشرف المنازل ، غير أنّها لا تفوق منزلة الإمامة ولا تساويها لما ذكرناه ، وقد دلّلنا فيما سلف من الكتاب على أن الإمام لا يكون إلّا معصوما مأمون الباطن ، وليس له أن يقول : إنكم عولتم في حصول الموالاة على الباطن للإمام على دعوى.
فأمّا ما ذكره من الآيات مستشهدا به على أنّ المراد بلفظة «مولى» الموالاة في الدّين ، فإنّما يكون طاعنا على من أنكر احتمال اللفظة لهذا الوجه في جملة محتملاتها ، فأمّا من أقرّ بذلك وذهب إلى أن المراد في خبر الغدير خلافه ، فليس يكون ما ذكره صاحب الكتاب مفسدا لمذهبه ، وكيف يكون كذلك ، وأكثر ما استشهد به أن لفظة «مولى» أريد بها معنى الموالاة فيما تلاه من القرآن وذلك لا يحظر (١) أن يراد بها خلاف الموالاة في الخبر.
وقوله : «إن الموالاة في اللغة وإن كانت مشتركة فقد غلب عرف الشرع في
__________________
(١) أي لا يمنع.